للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وهجر) أي ترك (من العبارة ما يقبح) ظاهره (كلفظة الجهل والكذب والمعصية) والمعنى لا ينسب شيئا منها وأمثالها إليه وإلى غيره من الأنبياء عليهم السلام ولا يستند إلى ما ورد في حقهم من قوله تعالى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى أي جاهلا بتفاصيل الإيمان كما ينبئ عنه قوله تعالى مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ومن قوله عليه الصلاة والسلام ولم يكذب إبراهيم الا ثلاث كذبات ومفهومه أنه كذب ومن قوله تعالى وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى فإن لله ورسوله أن يعبرا بما شاآ في حق من شاآ (فإذا تكلّم) أي المتكلم (فِي الْأَقْوَالِ قَالَ هَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخُلْفُ في القول والإخبار) بكسر الهمزة لا يقول أيجوز عليه الكذب في قول أو خبر (بخلاف ما وقع سهوا) في لسانه (أو غلطا) في بيانه (ونحوه من العبارة) كالنسيان في شأنه فإنه لا لوم عليه ولا اعتراض لديه لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان (ويتجنّب لفظة الكذب) أي إطلاقها عليه (جملة واحدة) أي بالكلية (وإذا تكلّم على العلم) أي علمه عليه الصلاة والسلام (قَالَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْلَمَ إِلَّا ما علّم) كما يشير إليه قَوْلِهِ تَعَالَى وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ

(وَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ عِلْمٌ من بعض الأشياء حتّى يوحى إليه) لقوله تعالى وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً أي بذاته وقوله تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وقوله قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وفي الحديث مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية وفي حديث جبريل ما المسؤول عنها بأعلم من السائل وقد قال تعالى إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها أي عن نفسي لو كان أمكن فضلا عن غيري والحاصل أن الأنبياء لم يعلموا المغيبات من الأشياء إلا بما اعلمهم الله تعالى أحيانا وقد صرح علماؤنا الحنيفة بتكفير من اعتقد أن النبي يعلم الغيب لمعارضة قوله تعالى قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ كذا في المسايرة للإمام ابن الهمام (ولا يقول بجهل) النبي (لقبح اللّفظ وبشاعته) بل يقول لا يدري مثلا وقت مجيء الساعة قال حسن العبارة معتبر عند ارباب الإشارة كما حكي أنه كان معبر ان لبعض الأمراء وجعل وظيفة أحدهما ألفا والآخر نصفه ندماؤه وجلساؤه عن وجه الفرق بينهما لاتحادهما في مراتب العلم والصلاح والأدب فسألوه عن ذلك وعن تمييزهما بما هنالك فقال رأيت في النوم أن أسناني سقطت فصاحب الألف عبر بأنك تعيش بعد أقوامك كلهم وعبر الآخر بأنهم يموتون قدامك جميعهم فانظروا فالفرق بين العبارتين مع أن مؤداهما واحد في الإشارتين (وإذا تكلّم) المتكلم (في الأفعال) الصادرة عنه عليه الصلاة والسلام (قَالَ هَلْ يَجُوزُ مِنْهُ الْمُخَالِفَةُ فِي بَعْضِ الأوامر والنّواهي) ولا يعبر عنها بالكبائر والمعاصي (ومواقعة الصّغائر) بل الأولى أن يعبر عنها بالزلات والمكروهات بل وخلاف الأولى (فهو) أي ما ذكر من العبارات (أولى وآدب) بمد الهمزة أي أكثر تأدبا (مِنْ قَوْلِهِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَعْصِيَ أَوْ يُذْنِبَ أَوْ يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا مِنْ أَنْوَاعِ المعاصي) المشتملة على الصغائر والكبائر (فهذا) الذي قدمناه (من حقّ توقيره) وفي نسخة زيادة وبره أي طاعته أو إكرامه (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ تعزير) أي تبجيل

<<  <  ج: ص:  >  >>