للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوصف عن الانتهاء إليه) أي لقصور إحاطة العلم به (فابتدأ جلّ جلاله بإعلامه) أي بإعلام الله نبيه (بما قضاه له من القضاء البين) أي بما حكم له وقدره من الفتح المبين حيث قال إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً أي إنا قضينا لك على أهل مكة أن تدخلها من قابل عام الحديبية (بِظُهُورِهِ وَغَلَبَتِهِ عَلَى عَدُوِّهِ وَعُلُوِّ كَلِمَتِهِ وَشَرِيعَتِهِ) أي طريقته وفي نسخة شيعته أي أمته بعد صده بها عنها وهذا قول آخر للمفسرين مغاير لما سبق من وجه أو هو وعد بفتح مكة كما تقدم وعبر بالماضي لتحققه أو بما اتفق له بعد نزولها كفتح خيبر وفدك أو بما ظهر له في الحديبية من آية عظيمة وهي أن ماءها نضب فلم يبق بها قطرة فتمضمض ثم مج فيها فدرت ماء حتى رووا كلهم (وأنّه) عطف على أعلامه أي وبأنه صلى الله تعالى عليه وسلم (مغفور له غير مؤاخذ) بالهمز ويبدل واوا وهو تأكيد لما قبله لتضمنه معناه (بما كان وما يكون) حيث قال لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ والمعنى لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك ولا يكون على هذا اثبات لوقوع الذنب ثم غفرانه خلافا لما يتوهم من كلام المصنف (قَالَ بَعْضُهُمْ أَرَادَ غُفْرَانَ مَا وَقَعَ وَمَا لم يقع أي أنّك مغفور لك) أي مما يصح أن يعاتب عليه لما في قوله تعالى لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى والأظهر أن في الآية إيماء إلى أن العبد ولو وصل إلى أعلى مرتبته المقدرة لم يحصل له استغناء عن المغفرة لقصور الأطوار البشرية في القيام بحق العبودية على ما اقتضته الربوبية وقيل عد الاشتغال بالأمور المباحة والتفكر بالهمة في مهمات الأمة سيئات من حيث إنها غفلة عن مرتبة الحضرة في الجملة ولذا قيل حسنات الأبرار سيئات المقربين ثم قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاد الكفار والسعي في إعلاء دينه وإزاحة شرك الأغيار وتكميل النفوس الناقصة إجبارا واعتبارا ليصير ذلك بالتدريج اختبارا وتخليص الضعفة من أيدي الظالمة اختيارا (وقال مكّيّ جعل الله المنّة) أي العطية والامتنان بالفتح أو بالهداية إلى الإسلام (سببا للمغفرة وكلّ) أي من المنة والهداية والمغفرة حاصل (من عنده) أي لقوله سبحانه وتعالى قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (لا إله غيره) أي حتى يكون قضاء شيء من عنده ويروى لا إله إلا هو (منّة) أي عطية وامتنانا حال أو مفعول مطلق (بَعْدَ مِنَّةٍ وَفَضْلًا بَعْدَ فَضْلٍ ثُمَّ قَالَ) أي الله عز وجل (ويتمّ نعمته عليك) أي بجمعه لك النبوة والملك وظهور دينك وفتح البلاد عليك وغير ذلك ومنها قوله، (قيل بخضوع من تكبّر لك) متعلق بخضوع والمعنى بتواضع من تكبر عليك لأجلك بالانقياد لك والخضوع والخشوع بين يديك والتذلل إليك وفي نسخة بِخُضُوعِ مَنْ تَكَبَّرَ عَلَيْكَ (وَقِيلَ بِفَتْحِ مَكَّةَ والطّائف) أي وإقبال أهلهما إليك طوعا وكرها (وَقِيلَ يَرْفَعُ ذِكْرَكَ فِي الدُّنْيَا وَيَنْصُرُكَ وَيَغْفِرُ لك) بصيغ الأفعال تفسير على وفق المفسر وهو قوله ويتم وهو الأظهر وقال التلمساني بباء الجر وكلها مصادر ويجوز الفعل وكذا قال الحجازي ويروى برفع ذكرك وبنصرك وغفر لك بالموحدة وتنوين الأخير انتهى وفيه أن الغفر بمعنى المغفرة قليل

<<  <  ج: ص:  >  >>