للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوِ النَّافِي أَنْ يَكُونَ اللَّهُ خَالِقَهُ) أَوْ خالق غيره (أو ربّه) أي مربيه في عالم ظهوره ومدبر جميع أموره (أو قال ليس لي) أو لغيري (رَبٌّ أَوِ الْمُتَكَلِّمُ بِمَا لَا يُعْقَلُ مِنْ ذلك) الذي ذكرناه كله (في سكره) أي حال ذهاب عقله (أو غمرة جنونه) أي شدته (فَلَا خِلَافَ فِي كُفْرِ قَائِلِ ذَلِكَ وَمُدَّعِيهِ مع سلامة عقله) وهذا يناقض قوله غمرة جنونه إلا أن يحمل على غاية حماقته وسوء خلقه وسيجيء مزيد تحقيق لذلك في كلامه (كما قدّمناه لكنّه تقبل توبته على المشهور) من مذهب مالك الموافق للجمهور (وتنفعه إنابته) أي رجوعه وتوبته (وتنجّيه من القتل فيأته) بفتح الفاء وتكسر أي عودته وزواله عن عادته وسوء حالته (لكنّه لا يسلم من عظيم النّكال) بفتح النون أي العقوبة الشديدة في الدنيا (ولا يرفّه) بفتح الفاء المشددة أي لا يخفف غمه ولا ينفس كربه (من) وفي نسخة عنه (شديد العقاب) في مذهب مالك (لِيَكُونَ ذَلِكَ زَجْرًا لِمِثْلِهِ عَنْ قَوْلِهِ وَلَهُ عن العودة لكفره) مع علمه (أو جهله إِلَّا مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَعُرِفَ اسْتِهَانَتُهُ) أي عدم مبالاته (بما أتى به) في حالاته (فهو دليل على سوء طويّته) أي ضميره وفساد نيته (وكذب توبته وصار كالزّنديق الّذي لا نؤمن باطنه) لانقلابه (ولا يقبل رجوعه) لعدم ثباته (وحكم السّكران) في هذا الباب (حكم الصاحي) زجرا عليه قياسا على صحة طلاقه (وأمّا المجنون) وهو والمسلوب العقل وفي الحديث أنه مر على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رجل فقالوا هذا مجنون فقال عليه الصلاة والسلام لا تقولوا مجنون إنما المجنون المقيم على المعصية ولكن قولوا رجل مصاب قال التلمساني وقيل صوابه لو قال المصاب الذي مس من جنون (والمعتوه) أي المصاب بعقله المخبط في قوله وفعله الناقص في شعوره (فَمَا عُلِمَ أَنَّهُ قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حال غمرته) أي إغمائه (وذهاب ميزه) أي تمييزه (بالكلية فلا نظر فيه) أي بحكم (وَمَا فَعَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي حَالِ مَيْزِهِ وإن لم يكن معه عقله) كملا (وسقط تكليفه) بنقصان عقله (أدّب على ذلك لينزجر عنه) أي عن عوده هنالك (كَمَا يُؤَدَّبُ عَلَى قَبَائِحِ الْأَفْعَالِ وَيُوَالَى أَدَبُهُ) أي يتابع مرارا (على ذلك حتّى ينكفّ عنه) أي ينزجر منه (كما تؤدّب البهيمة على سوء الخلق) من جموح وعض ونحوهما (حتّى تراض) بصيغة المجهول أي حتى يستقيم طبعها (وَقَدْ أَحْرَقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ الله عنه من ادّعى له الإلهيّة) وهو عبد الله بن سبأ وأتباعه إذ قال له أنت الإله حقا فنفاه إلى المدائن وزعم أن ابن ملجم لم يقتله وإنما قتل شيطانا تصور بصورته وهو في السحاب سوطه البرق وصوته الرعد وإذا سمعوه قالوا السلام عليك يا أمير المؤمنين قالوا وسينزل ويملأ الأرض عدلا انتهى ما ذكره الدلجي ولا يخفى المناقضة بين نقله وكلام المصنف وقال التلمساني من ادعى له الألوهية فرقة من غلاة الروافض وهم من اتباع عبد الله بن سبأ وكان يزعم أن عليا هو الله وقد أحرق علي رضي الله تعالى عنه منهم جماعة زاد الأنطاكي وقال علي رضي الله تعالى عنه

أني إذا رأيت أمرا منكرا ... اججت نارا ودعوت القنبرا

<<  <  ج: ص:  >  >>