للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِانْتِهَاءِ فِي كَمَالِهَا. وَالِاعْتِدَالِ إلى غايتها) يحتمل عطف الاعتدال على الانتهاء وهو الظاهر الأنسب في المعنى والعطف على كمالها وهو خلاف المتبادر لكنه الأقرب في المبنى (حتّى) أي إلى حد (أثنى الله عليه بذلك فَقَالَ تَعَالَى: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤) [الْقَلَمِ: ٥] ) وقد قيل هو ما أمر به من قوله سبحانه وتعالى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ وقيل هو ما ورد من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم هو أن تعفو عمن ظلمك وتصل من قطعك وتعطي من منعك والأكمل في تفسيره ما ذكره المصنف بقوله. (قالت عائشة رضي الله عنها) أي وقد سألها سعيد بن هشام عن خلقه صلى الله تعالى عليه وسلم: (كان خلقه القرآن) بالرفع ويجوز نصبه زاد البيهقي في دلائله على ما هو في بعض النسخ (يرضى برضاه) أي يرضى ما فيه من الواجب والمندوب والمباح (ويسخط بسخطه) أي ويغضب ويكره ما ينافيه من الحرام والمكروه وخلاف الأولى وزاد في نسخة يعني التأدب بآدابه والتخلق بمحاسنه والالتزام لأوامره وزواجره، (وقال عليه الصلاة والسلام) على ما رواه أحمد والبزار (بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق) ورواه مالك في الموطأ ولفظه بلغني أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال بعثت لأتمم حسن الأخلاق ورواه البغوي في شرح السنة بلفظ أن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال أي الملكات النفسية والحالات القدسية التي جمعها حسن الخلق المتضمن لأداء حق الحق والخلق مما لا يستحصى ولا يتصور أن يستقصى وفيه إيماء إلى أن الأنبياء كانوا موسومين بالأخلاق الرضية والشمائل البهية إلا أنها لم تكن على وجه الكمال الذي لا يكون فوقه كمال وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم مجتمع الأخلاق العلية ومنبع الأحوال السنية بحيث لا يتصور فوقها كمال حتى من تعدى عن ذلك الحد وقع في النقصان في المآل ويدل على ما قررنا على وجه حررنا حديث مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل قصر أحسن بنيانه وترك منه موضع لبنة فطاف به النظار يتعجبون من حسن بنيانه إلا موضع تلك اللبنة فكنت أنا سددت موضع اللبنة ختم لي النبيون ويشير إلى هذا المبنى قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. (قال أنس رضي الله تعالى عنه) فيما رواه الشيخان (كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أحسن النّاس) أي من الأولين والآخرين (خلقا) بشهادة الله الكريم وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ؛ (وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه مثله، وكان) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (فيما ذكره المحقّقون مجبولا) أي مخلوقا ومطبوعا (عليها في أصل خلقته) أي من ابتداء نشأته الروحية (وأوّل فطرته) أي خلقته الجسدية وفي بعض النسخ في أصل خلقته بالظرفية بدلا من من الابتدائية (لم تحصل له باكتساب ولا رياضة) خلافا لما قاله الفلاسفة والحكماء الرياضيةإ (لّا بجود إلهي) أي لكن حصلت له بجذبة صمدانية (وخصوصيّة ربّانيّة؛ وهكذا) أي وكذا فعل الله (لسائر الأنبياء)

<<  <  ج: ص:  >  >>