للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الواجب عليكم المأتي إليه لتعلم علم الدين ومعرفة اليقين فيكون إتيانه فضلا منا عليكم وإحسانه منه إليكم فيجب حسن استقباله وإطاعة أمره وإقباله ومنها تنكير رسول فإنه يشير إلى أنه رسول عظيم تفخيما لشأنكم وتأييدا لبرهانكم ومنها أنه جعل من جنسكم البشري فإنكم لن تطيقوا على التلقين الملكي وليكون أدعى إلى متابعته حيث يفعل أيضا بمقتضى مقالته ولو كان ملكا لربما قيل إن القوة البشرية ليست كالقدرة الملكية ومنها أنه جعل من صنفكم العربية وإلا لقلتم أمرسل إليه عربي والرسول إليه أعجمي ثم بقية الآية عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي شديد شاق عليه عنتكم وتعبكم ووقوعكم في عذابكم حريص عليكم أن تؤمنوا كلكم بالمؤمنين منكم ومن غيركم رؤوف رحيم والرأفة أشد الرحمة فذكر الرحيم تذييل أو عكس مراعاة للفواصل لا لكونه أبلغ كما توهم الدلجي (قال السّمرقنديّ) بفتح سين مهملة وميم وسكون راء هو المشهور على الألسنة وأما ما ضبطه بعض المحشيين كالتلمساني وغيره من سكون ميم وفتح راء فهو لحن على ما صرح به القاموس وهو الإمام الجليل الحنفي المحدث المفسر نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الفقيه أبو الليث المعروف بإمام الهدى تفقه على الفقيه أبي جعفر الهندواني وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة العديدة توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة له تفسير القرآن أربع مجلدات والنوازل في الفقه وخزانة الفقه في مجلدة وتنبيه الغافلين وكتاب البستان وذكر التلمساني أنه أبو علي واسمه الحسن بن عبد الله منسوب إلى بلدة سمرقند من أهل الظاهر روى عن داود بن علي الظاهري لكن المعتمد هو الأول وسيأتي في مواضع من كتاب الشفاء حيث يروي عنه القاضي بواسطة واحدة والله أعلم وأبو الليث السمرقندي متقدم يلقب بالحافظ وهو الفرق بينهما ذكره التلمساني. (وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التَّوْبَةِ: ١٢٨] بِفَتْحِ الْفَاءِ) وهي قراءة شاذة مروية عن فاطمة وعائشة رضي الله تعالى عنهما وقرأ به عكرمة وابن محيص وغيرهما وفي المشترك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قرأها كذلك، (وقراءة الجمهور بالضّمّ) وضبطه بعضهم بالفتح وهو غير مشهور وضبط قراءة بصيغة المصدرية ويمكن قراءته بالجملة الفعلية ثم رأيت في حاشية أنهما روايتان والجمهور بالضم معظم الناس، (قال الفقيه القاضيّ أبو الفضل وفّقه الله تعالى) أي المصنف، (أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْعَرَبَ أَوْ أَهْلَ مَكَّةَ أَوْ جَمِيعَ النَّاسِ عَلَى اخْتِلَافِ المفسّرين من المواجه) أي من الذي وقع له المواجهة من المؤمنين أو غيرهم (بهذا الخطاب) يعني جاءكم فمن بفتح الميم موصول وكسر نونه في الوصل لالتقاء الساكنين والمواجه بصيغة المفعول مرفوع ثم الظاهر العموم الشامل لجميع الإنس بل والجن أيضا على وجه التغليب أما من اختار المؤمنين فلأنهم المرادون في الحقيقة والمنتفعون بمتابعته في الطريقة وأما من اختار العرب فلما يدل عليه ظاهر قوله تعالى حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ولما يتبادر من قوله أَنْفُسِكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>