للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه الصلاة والسلام) أي من جملة ما خص في الإعطاء ولم يعط مثله لسائر الأنبياء (قصّة الإسراء) أي إسرائه إلى السماء (وما انطوت) أي اشتملت (عليه من درجات الرّفعة) أي بحسب ما ثبت في اثناء الأنباء (ممّا نبّه عليه الكتاب العزيز) أي من بعض الإسراء (وشرحته صحاح الأخبار) أي وبينته الأحاديث والآثار وفي نسخة صحائح الأخبار قال الحلبي وكلاهما جمع صحيح وإطلاق كل منهما فصيح (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) أي سيره (لَيْلًا منصوب على الظرفية وتنكيره للدلالة على تقليل المدة الاسرائية مع ما فيه من الصنعة التجريدية فإن السري والإسراء كلاهما هو السير بالليل واختير زيادة الهمزة للمبالغة في مقام التعدية المقرونة بالمصاحبة والمعية المشيرة إلى التخلية من مقام التفرقة إلى التحلية والتجلية في مرتبة الجمعية مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الآية) أي الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ثم سبحان علم للتسبيح بمعنى التنزيه ولعل إيراده هنا للتنبيه على أنه منزه عن المكان وإن إسراءه عليه الصلاة والسلام لإعلاء الشأن ولإطلاعه على عجائب الملك والملكوت في ذلك الزمان وهو مضاف إلى الموصول الذي بعده كما يدل عليه قوله فَسُبْحانَ اللَّهِ ونحوه ونصبه على المصدرية وأغرب السمين في إعرابه حيث قال وهو منصرف لوجود الزيادة والعلمية وقال وَالنَّجْمِ إِذا هَوى قوله إلى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى وقد الفت رسالة مستقلة في خصوص هذه المسألة وبدأتها بتفسير صدر سورة الإسراء وختمتها بتفسير صدر سورة والنجم وذكرت فيما بينهما بعض ما يتعلق بهذه الكرامة العظمى وسميتها المدراج العلوي في المعراج النبوي وههنا اتبع كلام الشيخ في تبيين مبناه وتعيين معناه واتتبع كلام شراحه وحواشيه واختار ما ألقاه من مقتضاه ثم الظاهر من الآية المذكورة أن ابتداء الإسراء كان من نفس المسجد لحديث بينا أنا في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان أتاني جبريل بالبراق وليطابق المبتدأ المنتهي لأنه ليس حرم للمسجد الأقصى أو من الحرم كما قال صاحب البردة:

سريت من حرم ليلا إلى حرم وسماه مسجدا لإحاطته به ولحديث أنه كان في بيت أم هانىء بعد صلاة العشاء فأسري به ورجع من ليلته وقص عليها من قصته ويمكن الجمع بينهما بأن كان في بيت أم هانئ فرجع بعد صلاة العشاء إلى المسجد وأتى الحجر عند البيت كما يشير إليه قوله بين النائم واليقظان عند نزوله رجع إليها وقص عليها القصة وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ثم وجه تسميته الأقصى لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام والمراد ببركة حوله بركات الدين والدنيا لأنه مهبط الوحي ومتعبد الأنبياء من لدن موسى إلى زمن عيسى عليهم الصلاة والسلام وهو محفوف بالأنهار والأشجار والأزهار والأثمار وفي الحديث بارك الله فيما بين العريش والفرات وخص فلسطين بالتقديس ذكره الدلجي ومن جملة إراءة الآيات ذهابه في لحظة مسيرة أربعين ليلة

<<  <  ج: ص:  >  >>