للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسعود وربما يفرق بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين إبراهيم عليه السلام بهذا التغاير في المعنى مع الاشتراك في المبنى والحديث الأول رواه البخاري في فضل أبي بكر وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي أيضا (وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما) كما رواه الدارمي والترمذي عنه، (قال جلس ناس) أي جمع (من أصحاب النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ينتظرونه) أي خروجه إليهم ووصوله لديهم رجاء إنزال فيضه عليهم. (قال فخرج) أي من مقامه متوجها لهم (حتّى إذا دنا منهم) أي قرب (سمعهم) وفي رواية فخرج سمعهم أي حال كونه قد سمعهم (يتذاكرون) أي متذاكرين كلاما فيما بينهم (فسمع حديثهم) أي فحققه وفهمه (فقال: بعضهم عجبا) أي تعجبا (إنّ الله) بالكسر أو تعجب عجبا أن الله بالفتح (اتّخذ إبراهيم من خلقه خليلا) أي كما أخبره تعالى وقد سقط لفظ إبراهيم من أصل الدلجي فقال يريد إبراهيم عليه السلام، (وقال آخر) أي بعض أو صحابي آخر (ماذا) أي ليس هذا وهو اتخاذ الله إبراهيم خليلا (بِأَعْجَبَ مِنْ كَلَامِ مُوسَى كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا) أي كما أخبر تعالى، (وقال آخر فعيسى كلمة الله وروحه) الفاء فصيحة أي إذا ذكرتم خليل الله وكليمه في مقام الافتخار فاذكروا عيسى فإنه كلمة الله خلقه بأمركن من غير أب أو إضافته للتشريف أي كلمته مقبولة عنده سبحانه ودعوته مستجابة لديه وهو روح مجرد من عند ربه نفخ فيه بغير واسطة أو رحمة منه، (وقال آخر آدم اصطفاه الله) في أصل خلقته من غير واسطة من أب وأم في فطرته وجعله أبا البشر وجد الأنبياء والاصفياء وذكره في كتابه بوصف الاجتباء وحاصل كلامهم أنه يتوهم من هذه الأوصاف لهم أنهم أفضل من نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم حيث ما بلغهم صريحا أنه اختص ببعض المقامات العاليات كما يشير إليه قوله تَعَالَى تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ (فخرج عليهم) أي وصل إليهم (فسلّم) فتكراره ليناط به غير ما نيط به أولا أو خرج أولا من مكان إلى آخر فسمع قولهم مارا ثم خرج منه وسلم عليهم (وقال:

«قد سمعت كلامكم) أي في تخصيص بعض الرسل ببعض الفضائل (وعجبكم) أي وإظهار تعجبكم باختصاصهم ببعض الشمائل كما بينه قوله (بأنّ الله) الخ وتكلف الدلجي حيث قدر له عاملا بقوله أي أدركت عجبكم وجعله من قبيل قلدته سيفا ورمحا وعلفتها تبنا وماء باردا وتبعه الأنطاكي ورأيت بخط قطب الدين عيسى الصفوي أنه لا حاجة إلى هذا التكلف فإن المراد سماع ما يدل على تعجبهم هذا وفي نسخة صحيحة إن الله وهي بكسر الهمز أو بفتحه (اتّخذ إبراهيم خليلا، وهو كذلك) أي خليله أو اتخاذه محقق (وموسى نجيّ الله) أي كما قال الله تعالى وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا من المناجاة وهي المكالمة سرا (وهو كذلك) أي نجيه أو أمره كذلك، (وعيسى روح الله وهو كذلك) أي ذو روح منه خلقه بلا واسطة أب (وآدم اصطفاه الله) أي اجتباه (وهو كذلك) بمعنى صفيه بالنبوة والرسالة كما قال الله تعالى اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ (ألا) أي تنبهوا لخصائصي مع اشتراكي معهم في الاصطفاء كما

<<  <  ج: ص:  >  >>