للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء وكما روي عن مجاهد أوحى الله الزبور إلى داود عليه السلام في صدره (والعلم) أي وعلى خلق العلم الكلي الإجمالي المتعلق (بذاته) أي الأسنى (وأسمائه) أي الحسنى (وصفاته) أي العلى (وجميع تكليفاته) أي التي الزمها عقلاء مخلوقاته (ابتداء) أي بإفاضة جذبة من جذباته (ودون واسطة) أي من ارسال ملائكته (لو شاء) أي لو تعلقت به مشيئته واقتضته حكمته (كَمَا حُكِيَ عَنْ سُنَّتِهِ فِي بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ) أي وروي عن بعض الأولياء من أمته حيث حصل لهم العلم اللدني من الإلهام الإلهي في أمور خارقة للعادة ظهر تحقيقها عند أصحاب الإرادة (وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً [الشورى: ٥١] ) أي وحي الهام أو رؤيا منام كما وقع لأم موسى عليه السلام (وجائز) أي في قدرته بعد تعلق ارادته وفق حكمته (أن يوصل إليهم جميع ذلك) أي ما ذكر من العلوم الكلية والمعارف الجزئية (بواسطة) أي من ملك أو نبي أو ولي (تبلّغهم كلامه) أي مما يقتضي مرامه (وَتَكُونُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ إِمَّا مِنْ غَيْرِ الْبَشَرِ كَالْمَلَائِكَةِ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِمْ كَالْأَنْبِيَاءِ مع الأمم) وفي معناهم الأولياء مع اتباعهم فيما ينبغي لهم اتباعهم (ولا مانع لهذا) أي لما ذكر من حالتي الابتداء والواسطة في الابداء (من دليل العقل) أي وقد ثبت بدليل النقل (وإذا جاز هذا) أي نقلا وعقلا (ولم يستحل) أي ولم يعد ذلك محالا أصلا (وَجَاءَتِ الرُّسُلُ بِمَا دَلَّ عَلَى صِدْقِهِمْ مِنْ معجزاتهم) أي الباهرة وآياتهم القاهرة (وجب) أي على المرسل إليهم (تصديقهم في جميع ما أتوا به) أي من الامور الواجبة عليهم (لأنّ المعجز مع التّحدّي) أي طلب المعارضة (من النّبيّ) أي ممن يصح أن يكون له نعت النبوة ولم يكن من أهل الاستدراج والسحر والمكر والحيلة (قائم مقام قول الله تعالى) أي شهادته في تحقيق دعوته (صدق عبدي فأطيعوه) أي في الأصول (واتّبعوه) أي في الفروع (وشاهد على صدقه فيما يقوله) أي من أخبار الأولين وانباء الآخرين وأحوال الدنيا وأهوال العقبى فإن التصديق بالفعل كالتصديق بالقول وتوضيحه أنه إذا ادعى نبي الرسالة ثم قال آية صدقي في دعواي أن الله تعالى أرسلني أن يفعل كذا ففعل الله تعالى ذلك كان ذلك من الله تصديقا له فيما يدعيه من الرسالة بما فعل من نقض العادة فيكون ذلك كقوله عقيب دعواه صدقت ويستحيل من الحكيم تصديق الكاذب اللئيم ونظير هذا أن الرجل إذا قام في محفل عظيم وقال معشر الاشهاد إني رسول الملك إليكم ودعواه هذه بمرأى من الملك ومسمع ثم قال فإن كنت أيها الملك صادقا في دعواي فخالف عادتك وانتصب قائما وضع يدك على رأسي ثم اقعد فإذا فعل الملك اضطر الحاضرون إلى تصديق الملك إياه وعلم صدقه بالضرورة في دعواه (وهذا كاف) أي للمدعي، (والتّطويل فيه خارج عن الغرض) أي الأصلي ههنا (فمن أراد تتبّعه) أي مستقصى (وجده مستوفى في كتب أئمتنا) أي مصنفات ائمتنا كما في نسخة (رحمهم الله تعالى) حيث بالغوا في تحقيق أمر التوحيد وما يتعلق به من أمر النبوة وما يتبعه من إثبات المعجزة وغيرها مع الأدلة العقلية والنقلية وبيان المذاهب الباطلة كالحكماء

<<  <  ج: ص:  >  >>