للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزُّمَرِ: ٢٣] ) أي تسكن وتطمئن إلى ما فيه من ذكر الوعد بالرحمة والمغفرة (وقال) أي الله سبحانه وتعالى (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ [الْحَشْرِ: ٢١] الآية) أي لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ أي متشققا ومتقطعا من هيبته (ويدلّ على أنّ هذا) أي ما يغشي قلوب سامعيه وأسماعهم عند تلاوة تاليه (شيء خصّ) أي القرآن (به) أي دون سائر كتب الله تعالى وصحفه (أنّه) بدل من هذا أو تقديره وهو أنه (يعتري) أي يصيب (مَنْ لَا يَفْهَمُ مَعَانِيهِ وَلَا يَعْلَمُ تَفَاسِيرَهُ) أي المتعلقة بجمل مبانيه كما هو مشاهد في كثير من العوام أنه يحصل لهم هذا المقام من وصول المرام بل وقد يحصل لمن لم يكن مؤمنا به (كما روي عن نصرانيّ أنّه مرّ بقارىء) أي بمن يتلو القرآن (فوقف يبكي فقيل له لم) أو مم (بكيت) وفي نسخة مم تبكي (فقال للشّجى) بفتح معجمة فسكون جيم وفي بعض النسخ بفتحتين مقصورا وهو الظاهر أي للحزن الذي أصابه من استماعه فرق فلبه وخشع بدنه أو للطرب الذي حصل له من أثر كلام الرب (والنّظم) أي لما جمع بين المعاني الدقيقة البيان وبين الفصاحة والبلاغة في ميدان التبيان (وَهَذِهِ الرَّوْعَةُ قَدِ اعْتَرَتْ جَمَاعَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ وبعده) أي في قليل من الأيام (فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ لَهَا لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ وَآمَنَ به ومنهم من كفر) أي استمر على كفره أو كفر حينئذ ثم رجع بعده إلى ربه ولعله تعالى اشار إلى هذا المعنى في قوله أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ أي اشتدت أو اسودت، (فحكي في الصّحيح) بل روي في الصحيحين (عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطّور) أي بسورة الطور (فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) أي من غير موجد ومحدث وخالق فلا يعبدونه (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) أي أنفسهم (إلى قوله: الْمُصَيْطِرُونَ [الطور: ٣٥- ٣٧] ) يعني قوله تعالى أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ

في قولهم هو الله إذا سئلوا من خلق السموات والأرض إذ لو أيقنوا في خالقيته لما أعرضوا عن عبوديته قضاء لحق ربوبيته أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أي حتى يعطوا النبوة من شاؤوا أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ أي الغالبون على الاشياء يدبرونها كيف أرادوا وأم في المواضع الثلاثة منقطعة بمعنى بل والهمزة لإنكار القضية (كاد قلبي أن يطير) أي فزعا بما اعتراه من الروعة والهيبة أو فرحا لما حصل له من شرح الصدر وسعة القلب في معرفة الرب ويؤيده قوله (للإسلام: وفي رواية أخرى) أي عنه (وذلك أوّل ما وقر الإيمان) أي تمكن وتثبت واستقر (قلبي) وفي نسخة الإسلام بدل الإيمان. (وعن عتبة) بضم فسكون (ابن ربيعة) أي ابن عبد شمس بن عبد مناف قتل كافرا بالله في بدر والحديث رواه البغوي في تفسيره (أنّه كلّم النّبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مِنْ خِلَافِ قومه) أي مما لم يوافق اعتقاداتهم الباطلة وضلالاتهم العاطلة (فتلا عليهم حم كِتابٌ فُصِّلَتْ إلى قوله أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ [فصلت: ١٣] ) أي قوم هود

<<  <  ج: ص:  >  >>