للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع بينهما إشارة إلى غاية القلة (بل المأثور) أي المروي والمحكي (عن كلّ من رام ذلك) أي قصد الطعن فيه (إِلْقَاؤُهُ فِي الْعَجْزِ بِيَدَيْهِ وَالنُّكُوصُ عَلَى عَقِبَيْهِ) أي التأخر في الرجوع بالقهقرى أي إلى الورى.

فصل [وَقَدْ عَدَّ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمُقَلِّدِي الْأُمَّةِ في إعجازه وجوها كثيرة]

(وقد عدّ جماعة من الأئمّة) وهم علماء السلف (ومقلّدي الأمّة) بفتح اللام وهم فضلاء الخلف (فِي إِعْجَازِهِ وُجُوهًا كَثِيرَةً. مِنْهَا أَنَّ قَارِئَهُ لا يملّه) بفتح الميم وتشديد اللام أي لا يسأمه (وسامعه لا يمجّه) بضم الميم وتشديد الجيم أي لا يدفعه (بل الإكباب) أي الإقبال والآداب (على تلاوته يزيده حلاوة) أي لذة (وترديده) أي تكراره (يوجب له محبّة) أي يقتضي زيادة مودة فقد ورد من أحب شيئا أكثر ذكره (لا يزال غضّا طريّا) أي لا تزول طراوته وطلاوته (وَغَيْرُهُ مِنَ الْكَلَامِ وَلَوْ بَلَغَ فِي الْحُسْنِ والبلاغة مبلغه) أي تمام نظام المرام (يملّ مع التّرديد) أي في السمع (ويعادى) بفتح الدال أي ويكره في الطبع (إذا أعيد) لقولهم المعادات معاداة ولقوله صلى الله تعالى عليه وسلم فضل كلام الله على غيره كفضل الله على خلقه (وكتابنا) أي الذي فيه خطابنا وعتابنا وثوابنا وعقابنا (يستلذّ به في الخلوات ويؤنس) بالهمز ويسهل وبالنون مخففا ومشددا أي ويستأنس (بتلاوته فهي الأزمات) بفتح الهمز والزاء جمع أزمة بفتح فسكون وهي الشدة أي في أوقات الآفات (وسواه من الكتب) أي المؤلفات المصنوعة والمركبات الموضوعة (لا يوجد فيها ذلك) أي ما ذكر من اللذة والأنسة المطبوعة (حتّى أحدث أصحابها لها لحونا وطرقا يستجلبون بتلك اللّحون تنشيطهم) أي تنشيط أنفسهم وغيرهم (على قراءتها ولهذا) أي لما اختص به القرآن من حسن البيان المستغنى عن الإتيان بأنواع الألحان (وصف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم القرآن بأنّه لا يخلق) كما رواه الترمذي وغيره عن علي كرم الله وجهه مرفوعا القرآن لا يخلق وهو بفتح الباء وضم اللام لا فتحها كما في نسخة نقلها الحلبي وتبعه الحجازي أو بضم ياء وكسر لام أي لا يبلى (على كثرة الرّدّ) أي مع كثرة ترديده وتكريره (ولا تنقضي عبره) بكسر ففتح جمع عبرة أي لا تنتهي مواعظه المعتبرة (ولا تفنى عجائبه) أي لا تنفد عجائب مبانيه وغرائب معانيه، (وهو الفصل) أي البالغ في الفرق بين الحق والباطل (ليس بالهزل) أي أمره جد كله (لا يشبع منه العلماء) أي تدبرا وتبصرا وعبارة وإشارة (ولا تزيغ) أي ولا تميل (به الأهواء) عن طريق السواء (ولا تلتبس به الألسنة) أي ولا تشتبه به اللغات المختلفة المتناقضة (هو الذي لم تنته الجنّ) أي طائفة من جن نصبيين وفي صحيح مسلم أنهم كانوا من الجزيرة ولا منع من الجمع (حين سمعته أن قالوا) أي لم يتوقفوا عن قولهم لبعضهم أو لقولهم حين رجوعهم إليهم، (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً [الجن: ١] ) أي مقروءا عجيبا من جهة جزالة مبانية ومدلولا غريبا من فخامة معانيه بديعا في بلاغته ومنيعا في فصاحته (يهدي إلى الرشد) أي صوب الصواب أو إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>