للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعجزة أعظم من تفجر الماء من الحجر كما وقع لموسى عليه السلام فإن ذلك من عادة الحجر في الجملة قال الله تعالى وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وأما من لحم ودم فلم يعهد من غيره صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم (رَوَى حَدِيثَ نَبْعِ الْمَاءِ مِنْ أَصَابِعِهِ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ أَنَسٌ وجابر وابن مسعود) أما حديث أنس فرواه الشيخان عنه أيضا إلا أن المصنف ساقه شاهدا بسنده إلى الإمام مالك عنه فقال (حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ حَدَّثَنَا الْقَاضِي عِيسَى بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَاتِمُ بْنُ محمّد) وقد تقدم ذكرهم (حدّثنا أبو عمر بن الفخّار) بفتح الفاء وتشديد الخاء المعجمة، (حدّثنا أبو عيسى) هو يحيى بن عبد الله بن يحيى ابن كثير الليثي وقد سبق ذكره (حدّثنا يحيى) وفي نسخة عن يحيى وهو يحيى بن يحيى الليثي وفي نسخة صحيحة قبل قوله ثنا يحيى ثنا عبد الله بن يحيى عن أبيه يحيى ويؤيده ما قاله الحلبي أنه سقط رجل بين أبي عيسى وبين يحيى وهو عبد الله أبو مروان ولا بد منه وقد تقدم على الصواب وكذا يأتي على الصواب أيضا وحاصله أن عبد الله يروي عن يحيى عن أبيه ويحيى عن مالك (قال حدّثنا مالك) وهو إمام المذهب (عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة عن أنس بن مالك) وهو عمه لأمه (رأيت) وفي نسخة قال أي أنس رأيت (رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وحانت صلاة العصر) أي وقد قرب وقتها أو دخل فإن الحين الوقت (فالتمس النّاس الوضوء) بفتح الواو أي ماء الوضوء بضمها وفي نسخة بضمها والمعنى ماءه بتقدير مضاف والمؤدي واحد وقيل يطلق على كل لكن الظاهر أن أحدهما مجاز (فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم) أي جيء (بوضوء) أي في إناء (فوضع رسول الله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ وَأَمَرَ النّاس أن يتوضّؤوا منه) أي من الماء ومن الإناء أو من ماء ذلك الإناء (قال) أي أنس (فرأيت الماء ينبع) بتثليث الموحدة والضم أشهر أي يفور (من بين أصابعه صلى الله تعالى عليه وسلم) قال النووي في كيفية النبع قولان أحدهما الماء كان يخرج من نفس أصابعه وينبع من ذاتها وهو قول أكثر العلماء وثانيهما أنه تعالى أكثر الماء في ذاته فصار يفور من بين أصابعه (فتوضّأ النّاس) أي منه (حتّى توضّؤوا من عند آخرهم) أي إلى انتهاء أولهم فالقضية معكوسة للمبالغة والمراد جميعهم وقال النووي من هنا بمعنى إلى وهي لغة (ورواه أيضا عن أنس قتادة) كما في صحيح مسلم (وقال) أي أنس أو قتادة عنه (بإناء) أي فأتى بإناء (فيه ماء يغمر أصابعه) بسكون الغين المعجمة وضم الميم أي يغطيها ويسترها (أو لا يكاد يغمر) شك من الراوي (قال) أي قتادة لأنس كما صرح به الترمذي (كم كنتم) أي حينئذ وكم اسم استفهام وسؤال عن العدد (قال زهاء ثلاثمائة) بضم زاء وهاء ممدودة أي كنا قدر ثلثمائة، (وفي رواية عنه) أي عن أنس (وهم بالزّوراء) بفتح الزاء وسكون الواو فراء ممدودة مكان يعرف بالمدينة قرب المسجد (عند السّوق) وفي البخاري بالسوق أي سوق المدينة قال الداودي وهو مرتفع كالمنار (ورواه أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>