للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم مغفرة أي كثيرة لسيئاتهم وأجر عظيم على طاعاتهم واعلم أنه تنبغي هذه المراعاة أيضا بعد وفاته عليه الصلاة والسلام في مسجده لا سيما عند مشهده وكذا عند قراءة حديثه ومسنده وكذا عند سماع القرآن وتفسير الفرقان كما أشار إليه سبحانه وتعالى بقوله وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (وَقَالَ تَعَالَى: (لَا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) [النور: ٦٣] أي برفع الصوت فوق صوته أو بندائه بأسمائه فلا تقولوا يا محمد يا أحمد بل قولوا يا نبي الله ويا رسول الله كما خاطبه به سبحانه وعظم شأنه ذكره مجاهد وقتادة ولا منع من الجمع بين المعنيين في الآية فالمعنى نادوه بأوصافه الحميدة المذكورة في كلام الرب من خفض صوت مراعاة للأدب (فأوجب الله) أي تعالى على خلقه (تعذيره وتوقيره) أي تكريمه وتبجيله (وألزم) أي اتباعه (إكرامه وتعظيمه؛ قال ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما تعزّروه تجلّوه) من الإجلال (وقال المبرّد) بتشديد الراء المفتوحة وقد سبق ذكره (تُعَزِّرُوهُ تُبَالِغُوا فِي تَعْظِيمِهِ؛ وَقَالَ الْأَخْفَشُ تَنْصُرُونَهُ) الظاهر تنصروه أي دينه أو رسوله وهذه المباني متقاربة المعاني. واعلم أن من يقال له الأخفش ثلاثة أصغر وهو أبو الحسن علي بن سليمان بن الفضل المعروف بالأخفش الصغير النحوي كان عالما روى عن المبرد وثعلب وغيرهما وروى عنه الحريري وغيره وهو ثقة توفي في شعبان سنة خمس عشرة وثلاثمائة فجأة ببغداد وأما الأوسط فهو أبو الحسن سعيد ابن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش النحوي أحد نحاة البصرة من أئمة العربية وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه وكان يقول ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلّا وعرضه علي رحمه الله تعالى وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه وهذا هو الذي زاد في العروض بحر الخبب وله تصانيف كثيرة منها الأوسط في النحو وتفسير معاني القرآن وغير ذلك توفي سنة خمس عشرة ومائتين وكان يقال له الأخفش الصغير فلما ظهر علي بن سليمان المعروف بالأخفش المتقدم صار هذا وسطا وأما الأكبر فهو أبو الخطاب عبد الحميد بن حميد من أهل هجر من مواليهم وكان نحويا لغويا وله ألفاظ لغوية انفرد بنقلها وأخذ عن سيبويه وأبي عبيدة ومن في طبقتهما وهذا ملخص كلام ابن خلكان والأخفش هو الصغير العين مع سوء بصره وقد يكون الخفش علة وهو الذي يبصر بالليل ولا يبصر بالنهار ويبصر في الشيء في يوم غيم ولا يبصر في يوم صاح قاله الجوهري قال الحلبي والظاهر أن مراد القاضي هو الأوسط والله أعلم (وقال الطّبريّ) بفتحتين وهو محمد بن جرير (تعينونه، وقرىء) أي شاذا (تعزّزوه بزايين) بياءين لا بهمز وياء كما يتوهم (من العزّ) أي مجرد العز بمعنى الشدة والقوة كما قال تعالى فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ بالتخفيف والتشديد ونقل هنا إلى التعزيز من باب التفعيل للمبالغة والتكثير (ونهى) أي الله سبحانه وتعالى وفي نسخة بصيغة المجهول (عَنِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْقَوْلِ وَسُوءِ الْأَدَبِ) أي بالفعل (بسبقه بالكلام) ويروى في الكلام (عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>