للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه الشيخان وغيرهما من أصحاب السنن اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (فدلّ أنّهما) أي الصلاة والبركة (بمعنيين) أي متغايرين لأن المراد بالصلاة الثناء وبالبركة كثرة الخير والنماء (وَأَمَّا التَّسْلِيمُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عباده) أي بقوله وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً وهو يحتمل أن يكون بمعنى الانقياد كما قال تَعَالَى فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ويحتمل أن يراد به التسليم الذي بمعنى التحية فإن السلام تحية أهل الإسلام أو خصوص الدعاء بالسلامة من الآفة للنبي عليه الصلاة والسلام (فقال القاضي أبو بكر بن بكير) بضم موحدة فكاف مفتوحة فتحتية ساكنة (نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ أَنْ يُسَلِّمُوا عليه) وكذا امرهم النبي أن يسلموا عليه في الصلاة بأن يقولوا السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ (وكذلك من بعدهم) أي من التابعين وغيرهم (أمروا) أي تبعا لهم (أن يسلّموا على النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عند حضورهم قبره) أي خصوصا (وعند ذكره) أي عموما (وفي معنى السّلام عليه ثلاثة وجوه: أحدها السّلامة لك) أي حاصلة لك أو السلامة الكاملة من الآفات الشاملة خاصة لك (ومعك) أي ومصحوبة معك لا تنفك عنك في جميع أحوالك (ويكون السّلام مصدرا) أي كالسلامة (كاللّذاذ واللّذاذة) فإنهما مصدران من لذيذ إلا أنهما من الثلاثي المجرد والأولان من المزيد (الثّاني) أي من الوجوه (أي السّلام) أي اسمه (على حفظك) أي محافظتك من موجبات قصورك (ورعايتك) أي مراعاة جميع أمورك (متولّ له) أي متصرف لما ذكر من حفظك ورعايتك أو متول عونه ونصره له (وكفيل به) أي ضمين بقيامه ومتكفل بنظام مرامه (ويكون هنا) أي في الوجه الثاني (السّلام اسم الله) أي مصدر وصف به مبالغة ومعناه ذو السلامة من كل نقص وآفة (الثّالث أنّ السّلام بمعنى المسالمة له) أي المصالحة والموافقة (والانقياد) أي بالإدغان وترك المخالفة (كما قال تعالى فَلا) أي فليس الأمر كما زعموا (وَرَبِّكَ) وقيل التقدير فوربك بشهادة فوربك لنسألنهم زيدت فيه لا لتأكيد القسم لا لتظاهر لا في (لا يُؤْمِنُونَ) جواب القسم لأن استواء النفي والإثبات في زيادتها للتاكيد كما في فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وما لا تبصرون يأبى ذلك (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) أي يجعلوك حاكما (فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) أي فيما وقع لهم من التنازع والاختلاف (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) أي ضيقا شرعا لا طبعا أو شكا (مِمَّا قَضَيْتَ أي حكمت به (وَيُسَلِّمُوا أي وينقادوا لما حكمت به (تَسْلِيماً) [النساء: ٦٥] . مصدر مؤكد لفعله بمنزلة تكريره أي وينقادوا انقيادا ظاهرا وباطنا لا ريبة فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>