للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها في غير البنيان، واستدلوا لذلك بحديث أبى أيوب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا)) (١) . قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله، وحملوا ذلك على غير البنيان أما في البنيان: فيجوز الاستقبال والاستدبار، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: ((رقيت يوماً على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة)) (٢) .

وقال بعض العلماء: إنه لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها بكل حال، سواء في البنيان أو غيره، واستدلوا بحديث أبي أيوب المتقدم، وأجابوا عن حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- بأجوبة منها:

أولاً: أن حديث ابن عمر يحمل على ما قبل النهي.

ثانياً: أن النهي يرجح، لأن النهي ناقل عن الأصل، وهو الجواز، والناقل عن الأصل أولى.

ثالثاً: إن حديث أبي أيوب قولٌ، وحديث ابن عمر فعلٌ، والفعل لا يمكن أن يعارض القول، لأن الفعل يحتمل الخصوصية ويحتمل النسيان، ويحتمل عذراً آخر.


(١) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب لا يستقبل القبلة ببول ولا غائط (١٤٤) ، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الاستطابة (٥٩) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب من تبرز على لبنتين (١٤٥) .

<<  <   >  >>