للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: قد قال الله عز وجل في كتابه: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) .

فالجواب: أن المراد بالملامسة في الآية الجماع، كما صح ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ثم أن هناك دليلاً من تقسيم الآية الكريمة، تقسيم للطهارة إلى أصلية، وبدلية، وتقسيم للطهارة إلى كبرى، وصغرى. وتقسيم لأسباب الطهارة الكبرى، والصغرى. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن) (المائدة: من الآية٦) فهذه طهارة بالماء أصلية صغرى ثم قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فهذه طهارة بالماء أصلية كبرى ثم قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا) (المائدة: من الآية٦) فقوله (فتيمموا) هذا بدل وقوله: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) هذا بيان سبب الصغرى. وقوله: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) هذا بيان سبب الكبرى. ولو حملناه على المس الذي هو الجس باليد، لكانت الآية الكريمة ذكر الله فيها سببين للطهارة الصغرى، وسكت عن سبب الطهارة الكبرى، مع أنه قال: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) وهذا خلاف البلاغة القرآنية، وعليه فتكون الآية دالة على أن المراد بقوله: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) أي جامعتم النساء، لتكون الآية مشتملة على السببين الموجبين للطهارة، السبب الأكبر والسبب الأصغر، والطهارتين الصغرى في الأعضاء الأربعة، والكبرى في جميع البدن، والبدل الذي هو طهارة التيمم في عضوين فقط لأنه يتساوى فيها الطهارة الصغرى والكبرى.

<<  <   >  >>