للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ناسياً وقد قال الله تبارك وتعالى: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (البقرة: من الآية٢٨٦) فقال الله تعالى: ((قد فعلت)) (١) ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما أذى فلما كان في أثناء الصلاة أخبره جبريل بذلك فخلعهما رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (٢) ، ولم يستأنف الصلاة فدل هذا على أن من علم بالنجاسة في أثناء الصلاة فإنه يزيلها ولو في أثناء الصلاة ويستمر في صلاته إذا كان يمكنه أن يبقى مستور العورة بعد إزالتها، وكذلك من نسي وذكر في أثناء الصلاة فإنه يزيل هذا الثوب النجس إذا كان يبقى عليه ما يستر عورته، وأما إذا فرغ من صلاته ثم ذكر بعد أن فرغ، أو علم بعد أن فرغ من صلاته، فإنه لا إعادة عليه، وصلاته صحيحة، بخلاف الرجل الذي يصلي وهو ناسي أن يتوضأ مثل أن يكون قد أحدث ونسي أن يتوضأ، ثم صلى وذكر بعد فراغه من الصلاة أنه لم يتوضأ، فإنه يجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة، وكذلك لو كان عليه جنابة ولم يعلم بها، مثل أن يكون قد احتلم في الليل وصلى الصبح بدون غُسل جهلاً منه، ولما كان من النهار رأى في ثوبه منياً من نومه، فإنه يجب عليه أن يغتسل وأن يعيد ما صلى.

والفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى -أعني مسألة النجاسة- أن النجاسة من باب ترك المحظور، وأما الوضوء والغسل فهو من باب فعل المأمور، وفعل المأمور أمر إيجادي لا بد أن يقوم به الإنسان، ولا تتم العبادة إلا بوجوده، أما إزالة النجاسة


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان/ باب بيان أنه سبحانه لم يكلف إلا ما يطاق.
(٢) أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة/ باب الصلاة في النعل.

<<  <   >  >>