للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأصحابه وكان من سنته عليه الصلاة والسلام أن يصلي في نعليه، فخلع نعاله، فخلع الناس نعالهم، فلما أتم صلاته قال: ((ما شأنكم)) ؟ قالوا: رأيناك يا رسول الله خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: ((إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما خبثاً)) (١) - يعني نجاسة- ولم يستأنف النبي صلى الله عيه وسلم الصلاة، مع أن أول صلاته كان قد لبس حذاءً نجساً، فدل هذا على أن من صلى بثوب نجس ناسياً، أو جاهلاً فإن صلاته صحيحة.

وهنا مسألة: إذا أكل الإنسان لحم جزور وقام يصلى ولم يتوضأ بناء على أنه أكل لحم غنم فهل يعيد الصلاة إذا علم؟

فنقول: إنه يعيد الصلاة بعد أن يتوضأ

فإذا قال قائل: لماذا قلتم في من صلى بثوب نجس جهلاً لا يعيد، وفيمن أكل لحم إبل جاهلاً إنه يعيد؟

قلنا: لأن لدينا قاعدة مفيدة مهمة وهي ((المأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان، والمنهيات تسقط بالجهل والنسيان)) ، ودليل هذه القاعدة قول النبي صلى الله عيه وسلم: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)) (٢) . ولما سلم من ركعتين في إحدى صلاتي العشي ونسي بقية الصلاة أتمها لما ذكر، فهذا دليل على أن المأمورات لا تسقط بالنسيان، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر من نسي صلاة أن يصليها: إذا ذكر، ولم تسقط عنه بالنسيان، وكذلك أتم الصلاة ولم يسقط بقيتها بالنسيان، والدليل على أن المأمورات لا تسقط بالجهل أن رجلاً جاء


(١) أخرجه أبو داود: كتاب الصلاة/ باب الصلاة في النعال (٦٥٠) .
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>