للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

حوادث، وتوسلتم بهذه التسمية إلى تعطيلها، كما سمى إخوانكم صفاته أعراضاً، وتوسلوا بهذه التسمية إلى نفيها عنه، وكما سموا علوه على مخلوقاته واستواءه على عرشه تحيزاً، وتوسلوا بهذه التسمية إلى نفيه، وكما سموا وجهه الأعلى ويديه جوارح، وتوسلوا بذلك إلى نفيها، قالوا: ونحن لا ننكر أفعال خالق السماوات والأرض وما بينهما، وكلامه وتكليمه، ونزوله إلى السماء، واستواءه على عرشه، ومجيئه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، ونداءه لأنبيائه ورسله وملائكته، وفعله ما شاء، بتسميتكم لهذا كله حوادث، ومن أنكر ذلك فقد أنكر كونه رب العالمين، فإنه لا يتقرر في العقول والفطر كونه رباً للعالمين إلا بأن يثبت له الأفعال الاختيارية، وذات لا تفعل ليست مستحقة للربوبية ولا للإلهية، فالإجلال من هذا الإجلال واجب، والتنزيه عن هذا التنزيه متعين، فتنزيه الرب سبحانه عن قيام الأفعال به تنزيه له عن الربوبية وملكه، قالوا: ولنا على صحة هذه المسألة أكثر من ألف دليل من القرآن والسنة والمعقول.

وقد اعترف أفضل متأخريكم بفساد شبهكم كلها على إنكار هذه المسألة، وذكرها شبهة شبهة وأفسدها، وألزم بها جميع الطوائف.

حتى الفلاسفة الذين هم أبعد الطوائف من إثبات الصفات والأفعال قالوا: ولا يمكن إثبات حدوث العالم وكون الرب خالقاً ومتكلماً وسامعاً ومبصراً ومجيباً للدعوات، ومدبراً للمخلوقات وقادراً ومريداً، إلا بالقول بأنه فعال وأن أفعاله قائمة به، فإذا بطل أن يكون له فعل، وأن تقوم بذاته الأمور المتجددة بطل هذا كله.

<<  <   >  >>