للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أو "فإذا هو إياها"؟ " فقال سيبويه: "فإذا هو هي, ولا يجوز النصب" فقال له الكسائي: "لحنت".

ثم سأله عن مسائل من هذا النوع: "خرجت فإذا عبد الله القائمُ" أو "القائمَ"؟ فقال سيبويه في ذلك كله بالرفع دون النصب، فقال الكسائي: "ليس هذا من كلام العرب، العرب ترفع في ذلك كله وتنصب" فدفع سيبويه قوله، فقال يحيى بن خالد: "قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما؟ " فقال له الكسائي: "هذه العرب في بابك قد جمعتهم من كل أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل الكوفة وأهل البصرة منهم، فيحضرون ويسألون" فقال يحيى وجعفر: "قد أنصفت" فأمر بإحضارهم فدخلوا, فهم: أبو فقعس وأبو دثار وأبو الجراح وأبو ثروان, فسئلوا عن المسائل التي جرت بين الكسائي وسيبويه فتابعوا الكسائي وقالوا بقوله، فأقبل يحيى على سيبويه فقال: "قد تسمع أيها الرجل" فاستكان سيبويه١.


١ إرشاد الأريب ١٣/ ١٨٥-١٨٨, ومغني اللبيب في بحث إذا. وأقبل الكسائي على يحيى فقال: "أصلح الله الوزير، إنه قد وفد عليك من بلده مؤملا, فإن رأيت ألا ترده خائبا" فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصير وجهه نحو فارس, فأقام هناك حتى مات ولم يعد إلى البصرة. ا. هـ.
فيقال: إن هؤلاء الأعراب رشوا فوافقوا الكسائي، وقيل: تملقوه إرضاء للوزير، ولم ينطقوا بالنصب وإنما قالوا: القول قول الكسائي.
وقد ختم ابن الشجري هذا المجلس بأن الكسائي "إنما قصد سؤاله عما علم أنه لا وجه له في العربية، واتفق هو والفراء على ذلك؛ ليخالفه سيبويه فيكون الرجوع إلى السماع، فيقطع المجلس عن النظر والقياس" أمالي ابن الشجري ١/ ٢٠٦.

<<  <   >  >>