للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسرفة في وجه التبعية والتسلطية, وهذا ما جعل إريكسون يسمِّي هذه المرحلة باسم مرحلة اكتساب "الإحساس بالهوية"؛ لأن الإحساس بالهوية يحمل معه السيطرة على مشاكل الطفولة, ويحمل استعدادًا أصليًّا للمواجهة مع تحديات عالم الكبار كندٍّ كامل.

بمعنى أن اكتساب الإحساس بالهوية ضروري للمراهق لاتخاذ قرارات الكبار, مثل اختيار المهنة أو شريك الحياة.

إن الهوية تتوقَّف على أن يجد المراهق نفسه جزءًا محسوسًا، والاعتماد عليه في كل كبير, وهذا ما يوضّح جهود المراهق نحو البحث عن مكان دائم.

النمو العضوي:

إن ما كان في بادئ الأمر في حالة كمون أصبح الآن في حالة تغيُّر سريع كما أوضحنا, ويؤدي النمو السريع والتغيُّرات الجسمية السريعة وغير المتناسقة, التي تفرض نفسها على حياة المراهق في شكل قفزات إلى الاضطرابات والقلق. كذلك فإن نضج الوظيفة الجنسية وتحوّل المراهق من كائن لا جنسي إلى كائن جنسي تجعله قادرًا على أن يحافظ على نوعه واستمرار سلالته، وتصبح الرغبة في إشباع الحاجة الجنسية باختيار شريك من الجنس الآخر، لم يعد بالإمكان إبعادها, على أساس أنها غير لائقة, ومع ذلك فإن الفرد يصبح أكثر تبصرًا؛ حيث لا يستطيع إشباع الدافع الجنسي إلّا بالطريقة التي حدَّدها عرف المجتمع وتقاليده، ولكن في بداية هذه المرحلة لا تزال الحالة الاقتصادية للمراهق غير كافية؛ حيث إنه ما يزال طالب علم, أو فرد لا تسمح ظروفه المادية بإعالة وتكوين أسرة، ومن هنا يكون القلق، والإصرار على تشكيل الهوية.

صراع المراهق نحو تأكيد هويته:

يشير إريكسون إلى أن كثيرًا من المراهقين يواجهون انتشارًا وتشتتًا مستمرًّا فيما يختص بقدراتهم الخاصة ومكانهم المنتظر داخل مجتمعهم, ولذلك يستمر تساؤل المراهق لنفسه ويشمل عددًا من الأسئلة:

من أنا؟، وما دوري في المجتمع؟، وهل أنا ما زلت طفلًا أم أصبحت راشدًا؟، وإذا كنت قد وصلت إلى الرشد: فهل لدي ما يمكنني من أن أكون إنسانًا

<<  <  ج: ص:  >  >>