للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمالك، والليث بن سعد والأوزاعي، والثوري هؤلاء أئمة في زمانهم وتقليد كل منهم كتقليد الآخر، لا يقول مسلم: إنه لا يجوز تقليد هذا دون هذا، ولكن من منع تقليد هؤلاء في زماننا فإنما يمنعه لأحد شيئين:

أحدهما - اعتقاده أنه لم يبق من يعرف مذهبهم، وتقليد الميت فيه نزاع مشهور، فمن منعه قال: هؤلاء موتى، ومن سوغه قال: لا بد أن يكون في الأحياء من يعرف قول الميت.

والثاني - أن يقول: الإجماع اليوم قد أنعقد على خلاف هذا القول ويبني ذلك على مسألة معروفة في أصول الفقه، وهو أن الصحابة مثلاً أو غيرهم من اهل الأعصار إذا أختلفوا في مسألة على قولين، ثم أجمع التابعون والعصر الثاني على إحداهما، فهل يكون هذا إجماعاً برفع ذلك الخلاف.

وفي المسألة نزاع مشهور في مذهب أحمد وغيره من العلماء، فمن قال: إن أجماع أهل العصر الثاني لا يسوغ الأخذ بالقول الآخر، وأعتقد أن أهل العصر أجمعوا على ذلك فركب من هذين الاعتقادين المنع. ومن علم أن الخلاف القديم حكمه باقٍ وأن الأقوال لا تموت بموت قائلها فإنه يسوغ الذهاب إلى القول الآخر المجتهد الذى وافق أجتهاده.

وأما التقليد فيفيبتنى على مسألة تقليد الميت، وفيها قولان مشهوران أيضاً في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما.

واما إذا كان القول الذى يقول به هؤلاء الأئمة أو غيرهم قد قال به بعض العلماء الباقية مذاهبهم، فلا ريب أن قوله مؤبد بموافقة هؤلاء، ويعتضد به ويقابل بهؤلاء من خالفهم، فيقابل الثوري والأوزاعي أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى، إذ الأئمة متفقة على أنه إذا أختلف مالك والأوزاعي،

<<  <   >  >>