للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرعيان. وعند غالب الحنفية وكثير من أصحاب المذاهب وجمهور المعتزلة عقليان. فإذا خالف الشيخ ابن تيمية قول السادة الأشعرية ووافق قوله غير واحد من الحنفية أو الشافعية أو الحنبلية، هل ينبغي أن يعد ذلك من الأقوال المطعونة والآراء المرذولة، بحيث إذا سمع هذا التجهيل جاهل، أو عالم عن الاختلاف غافل، يظن أن الشيخ ابن تيمية قد تفرد بهذه المسألة، وشذ عن أهل السنة النبوية، ولم يعلم أنه قد أختلف فيها أيضاً من فحول الأئمة الماتريدية، فاستمع الآن ما تنقله لك من كتب الاسلاف التى هي كفيلة بتبيان الخلاف.

قال العلامة صدر الشريعة الحنفى في التوضيح شرح التنقيح: هذه المسألة من أمهات مسائل الأصول، ومهمات مباحث المعقول والمنقول، ومع ذلك هي مبنية على مسائل الجبر والقدر التى زلت في بواديها أقوام الراسخين، وضلت في مباديها أفهام المتفكرين، وغرقت في بحارها عقول المتبحرين. وحقيقة الحق فيها - أعنى الحق بين الإفراط والتفريط - سر من أسرار الله تعالى التى لا يطلع إلا خواص عباده. وهأنذا بمعزل من ذلك، لكن أوردت مع العجز عن درك الإدراك قدر ما وقفت عليه، ووقفت لإيراده.

أعلم أن العلماء قد ذكروا أن الحسن والقبح يطلقان على ثلاثة معان:

الأول: كون الشئ ملائماً للطبع ومنافراً له.

والثاني: كونه صفة كمال، وكونه صفة نقصان.

والثالث: كون الشئ متعلق المدح عاجلاً والثواب آجلاً، وكونه متعلق الذم عاجلاً والعقاب آجلاً.

فالحسن والقبح بالمعنيين الأولين يثبتان بالعقل أتفاقاً، أما بالمعني الثالث فقد أختلفوا فيه، فعند الأشعري لا يثبتان بالعقل بل بالشرع فقط. فهذا بناء على أمرين:

<<  <   >  >>