للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يرى حوادث لا مبدأ لأولها ... في الله سبحانه عما يظن به

وجواب اليافعي له بقوله: ... المنزلات كلاماً لا شبيه به

وقد تكلم رب العرش بالكتب ... إذا يشاء وهذا الحق فارفض به

ولم يزل فاعلاً أو قائلاً أزلاً

الأبيات السالفات: وانت تعلم أن عدم قيام الحوادث بذاته تعالى مما أتفق عليه أهل السنة (١) إلا الكرامية، فقد قال السعد في شرح المواقف: إنه تعالى يمتنع أن يقوم بذاته حادث.

ولا بد قبل الشروع في الحجاج من تحرير محل النزاع، ليكون التوارد بالنفي والإثبات على شئ واحد فنقول:

الحادث هو الموجود بعد العدم، وأما مالا وجود له وتجدد، ويقال له متجدد، ولا يقال له حادث فثلاثة أقسام: الأول - الأحوال ولم يجوز تجددها في ذاته تعالى إلا أبو الحسن من المعتزلة فإنه قال: بتجدد العالمية فيه بتجدد المعلومات.

الثاني - الإضافات أى النسب، ويجوز تجددها اتفاقاً من العقلاء حتى يقال: كأنه تعالى موجود مع العلم بعد أن لم يكن معه.

الثالث - السلوب، فما نسب إلى ما يستحيل إنصاف البارئ تعالى به امتنع تجدده، كما في قولنا: إنه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض. فإن هذه سلوب يمتنع تجددها وإلا جاز، فإنه تعالى موجود مع كل حادث، وتزول عنه هذه المعية إذا عدم الحادث، فقد تجدد له صفة سلب بعد ان لم تكن.

وإذا عرفت هذا الذى ذكرناه فقد اختلف في كونه تعالى محل الحوادث، أى الأمور الموجودة بعد عدمها، فمنعه الجمهور من العقلاء من أرباب الملل وغيرهم. وقال المجوس: كل حادث هو من صفات الكمال قائم به، أى


(١) على هامش الأصل؟ ((ولعل الصواب أخذاً مما يأتى: أهل السنة وغيرهم إلا الكرامية والمجوس. فلعل السقط من الناسخ)) أهـ.

<<  <   >  >>