للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإنجيل والقرآن واحد، لأنه لا يتعدد ولا يتبعض، وإنه إن عبر عنه بالعربي كان قرآناً، وبالعبرية كان توراة، وبالسريانية كان إنجيلاً، فيجعلون آية الكرسي، وآية الدين، وقل هو الله أحد، وتبت يدا أبي لهب، والتوراة والإنجيل، وغيرها معنى واحداً. وهذا قول فاسد بالعقل والشرع وهو قول أحدثه ابن كلاب لم يسبقه إليه أحد من السلف.

وغن أراد القائل بالحرف والصوت أن الأصوات المسموعة من القراء والمداد الذى في المصاحف قديم أزلي فقد اخطأ في ذلك وابتدع، وقال ما يخالف العقل والشرع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((زينوا القرآن باصواتكم)) فبين أن الصوت صوت القارئ، والكلام كلام الله تعالى، كما قاله سبحانه: {وإن أحد من المشركين استجارك فأحره حتى يسمع كلام الله} [التوبة ٦] فالقرآن الذى يقرؤه المسلمون كلام الله تعالى لا كلام غيره، كما ذكر الله تعالى ذلك.

وفي السنن عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض نفسه على الناس بالموسم فيقول: ((ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي، فإن قريشاًَ قد منعوني أن أبلغ كلام ربي)) وقالوا لأبي بكر الديق - رضي الله عنه - لما قرا عليهم: {آلم غلبت الروم} [الروم ٢] هذا كلامك أم كلام صاحبك؟ فقال ليس بكلامي ولا كلام صاحبي، ولكنه كلام الله تعالى.

والناس إذا بلغوا كلام النبي كقوله: ((إنما الأعمال بالنيات)) يعلمون أن الحديث الذى يسمعونه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، تكلم به بصوته وبحروفه ومعانيه، والمحدث بلغة عنه بصوت النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فالقرآن أولى أن يكون كلام الله تعالى إذا بلغته الرسل عنه، وقرأته

<<  <   >  >>