للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحديث الثاني والعشرون: الماء طهور.]

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ". رَوَاهُ أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي١.

هذا الحديث الصحيح يدل على أصل جامع، وهو أن الماء - أي جميع المياه النابعة من الأرض، والنازلة من السماء الباقية على خلقتها، أو المتغيرة بمقرها أو ممرها، أو بما يلقى فيها من الطاهرات ولو تغيراً كثيراً - طاهرة تستعمل في الطهارة وغيرها. ولا يستثنى من هذا الكلام الجامع إلا الماء المتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، كما في بعض ألفاظ هذا الحديث.

وقد اتفق العلماء على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة. واستدل عليه الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة:٣] إلى آخر الآية. يعني: ومتى ظهرت أوصاف هذه الأشياء المحرمة في الماء صار نجساً خبيثاً.

وهذا الحديث وغيره يدل على أن الماء المتغير بالطاهرات طهور. وعلى أن ما خلت به المرأة لا يمنع منه مطلقا٢ً. وعلى طهورية ما انغمست فيه يد القائم من نوم الليل، وإنما ينهى القائم من النوم عن غمسها حتى يغسلها ثلاثاً. وأما المنع من الماء فلا يدل الحديث عليه.

والمقصود: أن هذا الحديث يدل على أن الماء قسمان: نجس، وهو ما تغير أحد أوصافه


(١) أخرجه: النسائي في "المجتبى" ١/١٧٤, وأبو داود, رقم: ٦٦, والترمذي رقم: ٦٦, وأحمد ٣/٣١, وابن الجارود في "المنتقى" رقم: ٤٧, وابن أبي شيبة في "المصنّف" ١/١٤١-١٤٢, والدارقطني ١/٣٠, وابن المنذر في "الأوسط" ١/١٦٩, والبيهقي في "الخلافيات" ٣/١٩٧-١٩٨, وانظر "البدر المنير" ٢/٥٧, و"تلخيص الحبير" ١/١٥, و"الإرواء" ١/٤٥, و"الخلافيات" ٣/١٩٧-١٩٨.

(٢) أي ذهبت المرأة إلى الخلاء, وقد نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلم عن التوضّؤ بفضل طهور المرأة, وذكر ابن عثيمين -رحمه الله- تفصيلاً رائعاً في الشرح الممتع ١/٣٤-٣٥ فانظره.

<<  <   >  >>