للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين في توادهم، وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى" ١.

وعلى هذا الأساس العيظم رغب القرآن بالتعاون، فقال تعالى: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: ٥/ ٢] .

وتدل الآية على أن أواصر المحبة التي تقوم عليها التعاون بين أفراد المجتمع المسلم، إنما تقوم على تحقيق الخير والبر، وعلى التقوى أي الخوف من ارتكاب معصية أو شرك بالله، أو بعد عن شريعته، أو إيذاء بغير حق، ولذلك نهى الله عن أن يكون التعاون في الإثم، والعدوان.

وهذا ما يميز التربية الإسلامية، التي تربي المواطن المؤمن على تحقيق الخير والبر والعدل دون تعصب، هذا ما يميزها عن التربية القومية التي تستهدف إيجاد "المواطن الصالح"، الذي يتعصب لقومه، ووطنه دون أن يستهدف خيرًا أو عدلا، أو يبعد شرا عن الآخرين.

ومما يحقق معنى التعاون في التربية الاجتماعية الإسلامية، قضاء حاجات الناس، والتفريج عنهم، وستر عيوبهم، ونحهم على انفراد، إن كانت من العيوب التي يمكن تركها.

عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يثلمه، من كان حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة" ٢، وهكذا يدرج الناشئ في مجتمع، قائم على الإيثار، بعيد عن الأثرة، مبني على مساعدة الآخرين من أجل الحق والخير، وإدخال السرور وإبعاد الكروب.


١ صحيح البخاري، ٤/ ٣٧ط/ المطبعة العثمانية المصرية ١٣٥١هـ.
٢ رواه البخاري ومسلم، الترغيب والترهيب من الحديث: عبد العظيم المنذري المتوفي ٦٥٦هـ، ٣/ ٧٥، ط/ دار إحياء الكتب العربية بمصر "عيسى البابي الحلبي".

<<  <   >  >>