للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- الحوار الجدلي لإثبات الحجة:

وهو حوار يجري فيه نقاش، أو جدال غايته إثبات الحجة على المشركين للاعتراف بضرورة الإيمان بالله وتوحيده، والاعتراف باليوم الآخر، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وببطلان آلهتهم، وصدق أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، كوصفه لما رأى، عندما عرج به إلى السموات العلى، كما في سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: ٥٣/ ١-٥] إلى أن قال: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى، مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى، أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى، وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ٥٣/ ١٠-١٨] .

وفي هذا المقطع من السورة، يثبت الحق جل جلاله الحجة على المشركين، وذلك أن رسوله يصدر في أخباره عن يقين وعن رؤية حقيقية، بادئة من البصر الذي لا يزيغ، واقرة في الفؤاد الذي لا يكذب، وما سبق لصاحبه أن كذب فيكم قط، مؤيدة من الله جل جلاله، بالآيات الكبرى التي أراه الله إياها.

أما الطرف الآخر من الحوار، والذي ينتظر أن يكون رد المشركين، فقد جاء بأسلوب الاستفهام منكرا عليهم معبوداتهم، وكأنه يقارن بين الحقائق الدامغة التي جاء بها رسول الله من أخبار السماء ليلة المعراج، وبين معبوداتهم السخيفة التي يرونها أو يرون فيها القدرة، والجدارة بالعبادة في زعمهم، وكأنه يقول لهم: أرأيتم هذه الأصنام هل هي أحق بأن تصدق عليها الألوهية من أن تصدقوا محمدا، وهو الذي لم يكذب فيكم قط، وهذا معنى قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم: ٥٣/ ١٩-٢٠] ، ثم يعيرهم الحق جل جلاله في نسبة البنات "الملائكة" إلى الله مع أنهم يكرهون أن تكون لهم البنات، ويتمنون البنين.

<<  <   >  >>