للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- الشريعة ضابط اجتماعي:

وعندما يكثر تداول أحكام الشريعة، على المستوى الاجتماعي، في حلقات الوعظ وخطب المنابر، تصبح بعض هذه الأحكام أعرافا، ومصطلحات اجتماعية فعندما كنت طفلا كان يعير بعض الناس في دمشق بأنه "فوايزي" أي ربوي يأكل الربا، وكانت هذه اللفظة بغيضة مقيته، إذا أطلقت على شخص تحاشاه الناس، وهذا يدل على أن المجتمع يدافع عن كيانه الديني حين يمنع المجاهرة باقتراف المحرمات، فيحتقر السكير والفاسق، والمجاهر بالمعاصي، والمرأة المومس.

وقد ربى الإسلام هذه الفطرة الاجتماعية، فنظم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحض على ذلك، وجعل تركه من علاات انهيار المجتمع، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: ٥/ ٧٨-٧٩] ، وعن أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه"، أخرجه الإمام أحمد في المسند "١/ ١".

٣- الشريعة ضابط سياسي:

عندما تتولى السلطة تنفيذ أوامر الشريعة، تصبح تعاليم الشريعة، سلوكا سياسيا تسلكه الدولة مع جميع رعاياها، فتقطع يد السارق، وترجم الزاني وتمنع الخمر، والتبرج، والخلاعة، والظلم، والبغي بغير الحق، وتراقب الباعة فتمنع الغش والاحتكار، وتنشر العلم، وتحيط المدارس بعناية وتوجيهات دينية خاصة، وترسل الدعاة إلى الله، وترفع راية الإسلام، وتوجه وسائل الإعلام توجيها إسلاميا.

ويتربى الناشئ في هذا الجو على المعاني الإسلامية يستقيها من منزلة، ومدرسته، ومن النداءات التي تتعالى في المآذن ومن منابر المساجد، ومن الإذاعة، والرائي، ومن كل شيء يحيط به، فلا يقع بصره إلا على معروف، ولا يطوق سمعه شيء ينكره الإسلام، أو يغضب الله، ولا تحدثه نفسه بمعصية، ما دامت هيبة الدولة المسلمة، وهيبة المجتمع المسلم يردعانه عن ذلك.

<<  <   >  >>