للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصف الأفقي, وقد يختلفان من حيث علاقة الصف المائل. ولكن الاختلاف بين أي مربع وبين المربعات الأخرى مهم جدًّا في الوظائف التي تؤديها هذه المربعات أثناء اللعب, ولكن فهمنا للشطرنج لا يتم بمجرد وجود الرقعة فقط, وإنما لا بُدَّ من القطع المختلفة الشكل أو المبنى والوظيفة أو المعنى في اللعبة. فقواعد لعبة الشطرنج ومربعاته كنظام اللغة صرفًا ونحوًا, وقطع الشطرنج المختلفة الشكل والوظيفة كالكلمات, وحركات اللعب نفسها كالكلام الذي يحتاج إلى اللغة بما فيها من أنظمة وكلمات, وكما أن اللعبة تطبيق لقواعد الشطرنج كذلك الكلام تطبيق لقواعد اللغة؛ فالمعجم على رغم كونه قائمة من الكلمات التي لا تنتظم في نظام معين, إنما يعتبر جزءًا من اللغة من حيث يمد اللغة بمادة عملها, وهي الكلمات المختزنة في ذاكرة المجتمع.

علينا الآن إذًا أن نشرح طبيعة الكلمة في المعجم في ظلّ هذا التفريق بين مفهومي اللغة والكلام. المعروف أن اللغة باعتبارها نظامًا أكبر لا بُدَّ أن تكون صامتة, وقد سبق أن أشرنا إلى ذلك لأن النظام لا ينطق, ولكن الذي ينطق هو الكلام في إطار هذا النظام. والمعجم جزء من اللغة لا من الكلام, ومحتوياته الكلمات التي هي مختزنة في ذهن المجتمع أو مقيدة بين جلدتي المعجم وهي صامتة في كلتا الحالتين, ومن ثَمَّ يكون المعجم صامتًا كصمت اللغة, ويكون ذلك منسجمًا مع كونه جزءًا من اللغة, وحين يتكلم الفرد يغترف من هذا المعين الصامت فيصير الكلمات ألفاظًا ويصوغها بحسب الأنظمة اللغوية, فالمتكلم إذًا يحول الكلمات والنظم من وادي القوة إلى وادي الفعل.

وبعد قليل نفصل القول في أن معنى الكلمة في المعجم متعدد ومحتمل, ولكن معنى اللفظ في السياق واحد لا يتعدد بسبب ما يأتي:

أ- ما في السياق من قرائن تعين على التحديد "وقد سبقت الإشارة إلى القرائن المقالية".

ب- ارتباط كل سياق بمقام معين يحدد في ضوء القرائن الحالية "وسنرى شرح ذلك فيما بعد".

ولو لم تكن الكلمة المعجمية صامتة في ذاكرة المجتمع أو بين جلدتي المعجم لكانت بالضرورة منطوقة على ألسنة المتكلمين, ويظهر جلاء الغموض

<<  <   >  >>