للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يبين سبق العلم على القول أنه أساس خشية الله، كما يتضح من قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] .

وحتى لا يضل الناس بالأخذ من مآتي غير مناسبة فتحبط أعمالهم، يحدد الله لهم مصادر العلم الموثوق فيها في قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] .

ومما هو جدير بالذكر أن عمارة الأرض التي كلف الله بها الإنسان لا تتم إلا بالعلم المتفوق, والعمل الدءوب, والتقنية المناسبة للزمان والمكان في كل عصر ومصر. ومما يثبت أن المسلم مطالب بالعلم السباق والعمل المبدع أن الله كلفه بإعداد القوة المرهبة في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: ٦٠] .

ولا تكون القوة مرهبة ما لم تكن متفوقة على غيرها، وهذا التفوق لا يمكن أن يتأتى ما لم يستند إلى علم سباق وعمل معطاء, وتقنية غلابة يتفوق بها المسلم على المتوافر لدى الغير، فتكون بذلك قوة مرهبة.

ومما يثبت أن المسلم مطالب بالعمل الصالح، قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم: ٩٦] .

{إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ} [الحج: ١٤] .

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور: ٥٥] .

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: ٩] .

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: ٨] .

ويبين الله تبارك وتعالى أن الإحسان في العمل يحقق الحصول على الأجر، وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} [الكهف: ٣٠] .

ويروى عن الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- أنه نظر إلى يد تورمت من كثرة العمل فقال: "هذه يد يحبها الله ورسوله".

وقال صلوات الله وسلامه عليه: "لأن يحتزم أحدكم حزمة من حطب فيحملها على ظهره فيبيعها خير له من أن يسأل رجلًا يعطيه أو يمنعه". "رواه مسلم".

ويوضح الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن من لا يعمل ويسأل غيره العطاء يتدنى بقدر نفسه. فيقول صلوات الله وسلامه عليه: "اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة". "رواه مسلم".

<<  <   >  >>