للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويوضح حسين الشافعي، حدود كل من فرض العين وفرض الكفاية بقوله:

وينقل الإدريسي "في التراتيب" عن فقهاء الشافعية:

حكى الإمام الشافعي في "الرسالة" والغزالي في "إحياء علوم الدين" الإجماع على أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، قال القرافي في "الفروق": فمن باع، وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع. ومن أجر، وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله في الإجارة. ومن قارض، وجب عليه أن يتعلم حكم القراض، ومن صلى، وجب عليه أن يتعلم حكم الله في تلك الصلاة "١، ٣٦-٣٧".

ويصنف الشافعي من "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جزي، ومنه "العلم" فرض عين وفرض كفاية، ففرض العين ما يلزم من معرفة الطهارة والصلاة, فإذا دخل رمضان وجب عليه معرفة الصيام، فإن كان له مال، وجب عليه معرفة الزكاة، فإذا باع، وجب عليه معرفة البيوع، أما فرض الكفاية فهو ما زاد على ذلك. "١، ٣٧".

ويقول أحمد العسال:

فهناك علوم عينية على كل مسلم ومسلمة وشاب وشابة لا يسع أيا منها من يجهلها أو يفرط في طلبها، وهو ما لا يصح إسلامه إلا بها من معرفة صحيحة للعقيدة والعبادة والمعاملات والسلوك والخوف والرجاء والتطهر من الذنوب والتوبة إلى الله وحسن تلاوة القرآن والتعرف على سيرة النبي الكريم ليحسن الاقتداء والتأسي.. وعلوم أخرى لا يتم الواجب إلا بها من سد حاجة الأمة وإعانتها على أداء رسالتها وإغنائها عن غيرها ... وهي علوم الصناعات المختلفة والطب والاقتصاد وعلوم الاجتماع والسياسة وغيرها ... فهذه كلها تعتبر من فروض الكفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، وإذا لم يوجد من المسلمين من يقوم بها أثمت الأمة كلها، كالحاجة إلى المجتهدين وأهل الذكر سواء بسواء. "٣، ٦٠".

قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: ١٢٢] .

ومما يجعل طلب العلم فريضة أن الله سبحانه وتعالى حين خلق للإنسان السمع والبصر والفؤاد، وحين خلق له اللسان والشفتين والعقل، فإنه خلق ذلك كله لكي يستخدمه الإنسان في التعلم والتبصر والتدبر في عناصر الكون من مخلوقات الله، سواء في نفسه أو في غيره. وهذا التبصر والتدبر يحتاج إلى تحصيل مستمر للعلم.

<<  <   >  >>