للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويطلبها العمل والإخلاص الله عز وجل، وأنها وإن انقسمت حسب التخصصات وشرائح الحياة فهي تنتهي إلى علوم مقاصد وغايات, وعلوم وسائل وخدمات، وأنها ترتب حسب الأولويات والحاجات.

وقصارى القول أن العلم في الإسلام يشمل جميع متطلبات تربية المسلم المعاصر. نعني به المسلم الذي يسلم مقوده في حياته لله فيعيش وفق منهجه عقيدة وشريعة وعبادة ومعاملة وخلقا، الذي يستخدم أكثر علوم العصر تقدمًا وأحدث التقنية وأفضل أدواتها في العمل على تقدم الأمة الإسلامية وحل مشكلاتها. وهذا يجمع بين الأصالة والمعاصرة النابعة من صلاح الإسلام لكل زمان ومكان.

وبذلك فإن العلم في الإسلام يشمل الجبر والهندسة والكيمياء والاجتماع والتربية وعلوم الوراثة وعلوم الفضاء والآداب والفنون، إلى جانب علوم القرآن والشريعة والفقة وعلوم الحديث وعلوم اللغة وغيرها.

وإلى جانب تأهيل الإنسان للحياة الدنيا وللحياة الآخرة، فإن العلم في الإسلام يشمل الغيب والمشهود المحسوس، والنظرية والتطبيق، وجميع ما يتعلق بحياة الفرد من المهد إلى اللحد، وتعليمه وتربيته، كما يشمل جميع شئون المجتمع.

وكما سبق أن ذكرنا، فإن من العلم ما هو فرض عين وما هو فرض كفاية, فمعرفة كل مسلم من العلوم الشرعية "علوم الوحي" القدر الذي يساعده على الحياة وفق منهج الإسلام فرض عين، أما التخصص في العلوم مثل الفقه

أو النحو أو الذرة أو الهندسة أو الطب فقد جعله الله فرض كفاية على المجتمع المسلم، وفرض العين يعني بأنه يتعين على كل فرد في الأمة فعله ما لم يرخص له، أما فرض الكفاية فيمكن التعبير عنه بأنه يكفي أن يفعله من المسلمين عدد يسد حاجة الأمة مثل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدقة، وغير ذلك من مقومات الحياة في الإسلام من واجبات المسلم. ومن ثم ينبغي أن يتعلم المسلم واجباته نحوها.

ولا يعفيه من السؤال عنها عدم معرفته بها ما دامت مصادر المعرفة بها متوافرة حوله في المجتمع المسلم، فالعلم بها إذن فرض عين.

والأمة الإسلامية في حاجة إلى متخصصين يقودون ركب الحياة فيها, ويقودنها إلى المكانة اللائقة بها. وقد وصفها لله سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] .

هذه الأمة لا تكون خير أمة أخرجت للناس ما لم ترب من بين أبنائها وفق منهج الله تبارك وتعالى: عالم الشريعة القادر على الاجتهاد والبحث عن حلول إسلامية للمشكلات المعاصرة التي تواجه المسلمين، القادر على الإسهام في تبصير

<<  <   >  >>