للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنيف ... ، ويأتي الدين الحنيف ليثبتها ويقويها ويوصلها إلى غاياتها الخيرة التي أودعها الخالق تبارك وتعالى فيها "٢٢، ٤٠".

وعقيدة التوحيد التي أساسها العبودية الخالصة لله وحده، هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها، نجد هذا في قول الحق تبارك وتعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٠] .

ويوضح محمد شديد أن الفطرة حاجة أساسية من حاجات الإنسان, لا يمكن أن تتوازن شخصية الإنسان إلا بالوفاء بمتطلباتها. وذلك في قوله: العقيدة في الله ليست ترفًا في التفكير، ولا نافلة للنفس، ولا حاشية على هامش الحياة، ولا مظهرًا من مظاهر الخوف أو الضعف، وإنما هي فطرة الله التي فطر الناس عليها، وحاجة ملحة للنفس والروح، فإذا تركت ولدت فراغًا في النفس لا يملأ، وجوعة في الروح لا تسد, وخرابًا في الضمير لا يعمر.

جـ- الإنسان لديه استعداد لكل من الخير والشر:

الجانب الثالث من جوانب طبيعة الإنسان أن لديه استعداد للخير والشر، فقد وردت آيات كثيرة عن صفات الخير فيه وعن قدرته على فعل الخير، قال الحق تبارك وتعالى: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} [التحريم: ٥] .

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: ١١] .

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧] .

وقوله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين} [القصص: ٢٦] .

ورغم أن الإنسان مفطور على التوحيد ولديه استعداد للخير، فإن لديه استعدادا لفعل الشر أيضًا، وقد بين الحق تبارك وتعالى هذا في الذكر الحكيم في مواضع كثيرة، في مثل قوله تعالى:

<<  <   >  >>