للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جـ- بيان حقوق الوالدين:

لقد جعل الإسلام للوالدين حقوقا لم ينلها سواهما. ويبين في جلاء ووضوح حقوقهما على أولادهما. فحقوق الوالدين على الأولاد تصل إلى حد طاعتهما طاعة مطلقة إلا في مصعية الله. وحتى لو كان الولدان غير مسلمين فإن تعاليم الإسلام تقضي بأن يصاحبهما الولد في الدنيا معروفًا. وتصل حقوق الوالدين على أولادهما في الإسلام إلى حد أن تعاليم الإسلام تقضي بألا يقول الولد لأحدهما أف عند الكبر، وأن يخفض لهما جناح الذل من الرحمة. كما أن من واجبه أن يدعو لهما بالرحمة، يقول الحق تبارك وتعالى. {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٣، ٢٤] .

وقال تعالى: {لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: ٨٣] .

وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: ٣٦] .

ومن الجدير بالملاحظة في هذه الآيات الكريمات أن الله سبحانه وتعالى لم يقدم فيها على الإحسان للوالدين سوى عبادته سبحانه وتعالى. وهذا يبين مدى عناية الإسلام بحقوق الوالدين.

وقد قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- البر بالوالدين على الجهاد في سبيل الله, رغم ما للجهاد من علو قدر في الإسلام، فعن ابن مسعود -رضي

الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: "الصلاة على وقتها". قلت: ثم أي؟ قال: "بر الوالدين". قلت: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". "متفق عليه".

وقد حض الإسلام الأم بعناية خاصة، فحث الأولاد على أن يرعوها رعاية خاصة، وأوضح فضلها في أكثر من موضع القرآن الكريم وفي السنة المطهرة. قال تعالى. {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: ١٤] .

وهذا رجل يأتي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسأله عن أحق الناس بحسن صحابته، فبين له الهادي البشير أن والديه هما أحق الناس بحسن الصحابة. ويؤكد على أحقية الأم في ذلك.

جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أمك". قال: ثم من؟ قال: "أبوك". "متفق عليه".

<<  <   >  >>