للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدراسي عن المفاهيم التي يحتويها المنهج، فإن استيعاب المتعلمين لخبرات المنهج يصبح أمرًا بعيد المنال؛ لأن المفاهيم تشكل البنية الأساسية للمجال المراد تخطيط منهج دراسي له.

الحقائق هي المكون الثاني للبنية الأساسية لأي علم أو مجال. فإذا كان المجال هو الفيزياء أو الكيمياء، فإن الحقائق تشمل القواعد والخواص والمعادلات وإذا كان المجال هو الرياضيات فمن الحقائق ما يعرف بحقائق العمليات الأساسية. ففي الحساب -على سبيل المثال- وهي حقائق الضرب وحقائق الجمع وحقائق الطرح وحقائق القسمة، وتكون حقائق الهندسة هي النظريات، ومن حقائق الجبر القواعد والنظريات والمبادئ, أم التاريخ فتكون حقائقه هي الأحداث والتواريخ، وفي العلوم القانونية تكون الحقائق هي مواد القانون. وهكذا نجد لكل علم أو مجال حقائق ينبغي أن يضمن مخططو المناهج الدراسية وجود المناسب منها بين خبرات المناهج الدراسية.

وما يود المؤلف تأكيده هنا إضافة إلى توجيه انتباه مخططي المناهج الدراسية إلى العناية بالمفاهيم والحقائق هو التوازن المطلوب بين هذه المفاهيم وتلكم الحقائق.

فالشائع في تخطيط المناهج الدراسية توجيه العناية إلى الحقائق على حساب المفاهيم، ومن ثم يلجأ المتعلم إلى استظهار الحقائق دون فهم في معظم الحالات؛ لأن فهم الحقائق يرتكز على جذورها وهي المفاهيم، وأشير إلى جدول الضرب لتوضيح المقصود. التلميذ الذي لا يستوعب مفهوم جدول الضرب بحيث يستطيع أن يستنتج حقائقه بنفسه، يضطر إلى حفظ هذه الحقائق عن ظهر قلب. ولعل منا من يذكر أنه حين سأل ابنه عن ناتج ضرب ٥×٤ بدأ الابن من ٥×٥. وفي غالب الأحوال إذا صعب على الابن أن يبدأ هذه البداية لا يستطيع الإجابة, في حين أنه في حال تمكنه من مفهوم جدول الضرب سيحاول الحصول على الإجابة بجمع ٥+٥+.. إلى ٤ مرات. مثل هذه المشكلة لم تحدث -بالضرورة- نتيجة لإهمال المتعلم. ولكن قد يكون السبب فيها عدم إعطاء مفهوم الضرب العناية المناسبة عند اختيار خبرات المنهج الدراسي من قبل مخططي المناهج, أو عند تطبيق المنهج في عملية التدريس.

ويعتبر المؤلف الوصول بالمتعلم إلى اكتساب المهارة في تناول كل من المفاهيم والحقائق من الأساسيات المهمة. فحيث إن عصرنا هذا يتطلب إيصال المتعلم إلى الحد الأقصى من التمكن، فإن المدخل الحاسم إلى تحقيق ذلك هو مساعدته للوصول إلى المستوى المهاري في الأداء، بمعنى أن يكتسب المهارة في تحصيل كل من المفاهيم والحقائق وتطبيقاتهما.

ولا نعني بالمهارة هنا سرعة الأداء ودقته، كأن يسأل تلميذ الصف الثاني الابتدائي عن ناتج "٥×٦" فيجيبك الإجابة الصحيحة بسرعة. فإذا كان هذا

<<  <   >  >>