للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولًا: التخطيط للتربية الميدانية

التربية الميدانية هي مجال تكامل جميع عناصر إعداد المعلم، حيث تتكامل فيها هذه العناصر لتكون منظومة تدريسية تظهر في أداء الطالب. فتمكن الطالب من تخصصه العلمي يساعده على عدم الوقوع في الأخطاء أثناء تقديم المادة العلمية ودراسته للمقررات التربوية, واكتسابه للمهارات التدريسية يساعده على تقديم المادة العلمية وأداء الواجبات التربوية بصورة جيدة. ولكن مهما سيطر الطالب على تخصصه، ومهما استوعب من خبرات تربوية، فإن الطالب لا يمكنه أن يستفيد من التربية الميدانية -كما ينبغي- دون تخطيط مسبق لأنشطتها؛ لأن التدريس أبعد من الإعداد التخصصي والإعداد المهني، بل أوسع نطاقًا من محتوى برنامج الإعداد كله.

ويتضمن التخطيط للتربية الميدانية ما يلي:

أ- العمل على أن يدرك الطالب أهمية التربية الميدانية، وأن يعرف أهدافها جيدًا.

فالتربية الميدانية بالنسبة للطالب الذي يعد لأن يكون معلمًا، مثلها مثل التدريب في المستشفى بالنسبة للطبيب الجراح، فالجراح لا يمكنه إجراء عملية جراحية دون أن يتدرب عليها تدريبًا عمليا كافيا تحت إشراف خبير.

وهكذا الحال بالنسبة للمعلم، فما من فرد يمكنه ممارسة التدريس "المناهج" دون تدريب تحت إشراف جيد. ومع ذلك، فإننا قد نسمع من القول أن التدريس موهبة تولج مع الإنسان، وأن هناك معلمين بالفطرة، ولا شك أن أصحاب هذه المقولة لا يدركون ما لأخطاء المعلم من مخاطر.

فإذا كان خطأ الجراح الذي لم يحسن تدريبه يقتل نفسًا واحدة، فإن خطأ المعلم الذي لم يحسن تدريبه يقتل مئات الأنفس، إلا أننا لا نواريهم التراب, ولا يكون لقتلهم آثار مرئية في المجتمع، كما هو الحال فيمن يقتله الجراح.

ولكن خطرهم يكمن في أن ما سببه قصور تعليمهم وتربيتهم من مشكلات يفعل فعله فيهم وفي مجتمعهم ما داموا أحياء.

وعلى وجه العموم، فإن كل ذي بصيرة يدرك أن كل عمل أيا كان ومهما كان في عصرنا الحالي، يحتاج إلى تدريب؛ كي يتعرف الفرد على ما فيه من قيم ونظم، ويكتسب ما يحتاجه من مهارات.

ويهدف التدريب الميداني على التدريس إلى إعداد الطالب للأداء السليم في الموقف التدريسية, والطالب الذي يعنى بهذا التدريب يتبوأ المكان الذي تؤهله له قدراته، وأما من يهمل التدريب الميداني فإنه -في الغالب- يواجه الفشل، ويقاسي -بعد ذلك- من مرارته في حياته المهنية وربما خارجها.

<<  <   >  >>