للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعوق سادس يتعلق بالجوانب الفنية, كثيرًا ما يواجه تخطيط المناهج هو عدم العناية بكل من التجريب والمتابعة بالتقويم المستمر. هذه هي القاصمة لعملية تخطيط المنهج؛ لأن المنهج -في هذا الحال- سوف يطبق وفق تصور المشاركين في تخطيطه. مهما كانت هذه التصورات مبنية على أسس علمية ومستمدة من خبرات عملية طويلة، ومهما اجتمع عليها من ينبغي أن يتصدى لها، فإنها تبقى تصورات تحتاج إلى أن توضح في محك التطبيق الفعلى المضبوط علميا في المكان والزمان والظروف التي سوف يعمم فيها، أي: تحتاج إلى التجريب التربوي الذي يتابعه التقويم العلمي، وأن توضع نتائج هذا التقويم موضع التنفيذ باستثمار التغذية العائدة منه. فكما يتضح من الشكل فإنها عملية متصلة الحلقات يكشف التجريب والتقويم فيها حاجة المنهج المقترح إلى التعديل. والتغذية العائدة من التقويم تحدد نوع التعديل المطلوب. ومن ثم يعاد التخطيط لإدخال التعديلات المطلوبة، ثم يعاد تجريب المنهج بعد التعديل ويتابع بالتقويم مرة أخرى. وتتكرر هذه العملية "المنهج المقترح -التجريب- التقويم -التعديل" إلى أن يستقر المنهج ثم يعمم بعد ذلك.

ومن المعروف أن العزوف عن التجريب والبحث والتقويم المستمر خطأ فني شائع لأسباب كثيرة من أهمها استعجال الثمار؛ فنظرًا لأن عملية التقويم يترتب عليها إعادة التخطيط لإدخال التعديلات التي أشارت إليها التغذية العائدة من التقويم ثم تجريبها, وهذا يستغرق وقتا طويلًا بطبيعة الحال، فإن البعض يضن بهذا الوقت، كما أن هذا كله يحتاج إلى تمويل -كما سنبين فيما بعد- والبعض يضن بالمال أو لا يملكه. وهناك من يستيسر القفز من التخطيط إلى التعميم. ومهما كانت الدوافع التي تؤدي إلى العزوف عن التجريب والتقويم، ومن ثم فقدان التغذية العائدة، فإنها تضع معوقات كثيرة في طريق تخطيط المنهج الدراسي، بل تصيبه بالوهن، وتتيح فرصًا لانتشار ما في المنهج المخطط من أخطاء بين جميع الطلاب الذين يعمم عليهم هذا المنهج فيما بعد.

<<  <   >  >>