للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: "في قسمة الزكاة على مستحقيها"]

ويجب صرف الزكاة إلى الموجودين من الأصناف الثمانية وهم الفقراء،

ــ

لفضيلة، ومع جواز التأخير لذلك يضمن ما تلف في مدة التأخير أيضًا، أما ما تلف قبل التمكن فلا يضمنه بل يقسط قسطه، وتتعلق الزكاة بالمال تعلق شركة، فالمستحق شريك للمالك بقدر الواجب إن كان من الجنس وإلا فبقدر قيمته فيمتنع عليه بيع القدر المذكور ورهنه، فإذا باع النصاب أو بعضه أو رهنه بعد تمام الحول صح إلا في قدر الزكاة. نعم مال التجارة يجوز بيعه ورهنه؛ لأنه متعلقهما القيمة لا العين، ومن له دين حل وقدر على استيفائه بأن كان على مليء حاضر باذل أو جاحد وعليه بينة أو يعلمه القاضي أو على غيره١ وقبضه لزمه إخراج زكاته حتى للأحوال الماضية لوجوبها فيه، كما تجب في الضال والمغصوب والمرهون والغائب وما اشتراه وتم حوله قبل القبض أو حبس عنه بأسر ونحوه لملك النصاب وحولان الحول, لكن لا يجب الإخراج من ذلك إلا عند عود المغصوب والضال وإمكان السير للغائب مع الوصول إليه فيخرجها حينئذ عن جميع الأحوال الماضية.

فصل: في قسمة الزكاة على مستحقيها

والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] الآية. "ويجب صرف الزكاة إلى الموجودين من الأصناف الثمانية"٢, فإن وجدوا كلهم بمحل الزكاة وجب الصرف إليهم، ولا يجوز أن يحرم بعض الأصناف، فإن فقد بعضهم أو بعض آحاد الصنف ردت حصة من فقد الفاضل عن كفاية بعضهم على بقية الأصناف، ونصيب المفقود من آحاد الصنف على بقية ذلك الصنف، ولا ينقل شيء من ذلك إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم، ومحله إذا نقص نصيبهم عن كفايتهم وإلا نقل إلى ذلك الصنف، أما لو عدمت الأصناف كلهم في البلد أو فضل عنهم شيء فإن الكل في الأولى والفاضل في الثابتة ينقل إلى جنس مستحقه بأقرب بلد إلى الزكاة، فعلم أنه لا يجوز للمالك ولا يجزئه نقل الزكاة مع وجود مستحقيها بموضع المال حال الوجوب عنه إلى غيره وإن قربت المسافة؛ لأن ذلك يوحش أصناف البلد بعد امتداد أطماعهم إليها.

"وهم: الفقراء" والفقير من ليس له زوج ولا أصل ولا فرع تكفيه نفقته ولا مال ولا كسب يقع موقعًا من كفايته مطعمًا وملبسًا ومسكنًا، كمن يحتاج إلى عشرة ولا يجد إلا ثلاثة، وإن كان صحيحًا يسأل الناس، أو كان له مسكن وثوب يتجمل به وعبد يخدمه وإن تعدد ما يحتاجه من ذلك، ولا أثر لقدرته على كسب حرام أو غيره لائق بمروءته، ومن ثم أفتى


١ أي على غير مليء، أو غير جاحد، أو لا يعلمه القاضي.
٢ المذكورين في الآية ٦٠ من سورة التوبة.

<<  <   >  >>