للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل: "فيما يبيح الفطر"]

ويجوز الفطر بالمرض الذي يبيح التيمم، وللخائف من الهلاك، ولغلبة الجوع والعطش، وللمسافر سفرًا طويلا إلا إن طرأ السفر بعد الفجر، والصوم في السفر أفضل إن لم يتضرر به، وإذا بلغ الصبي أو قدم المسافر أو شفي المريض وهم صائمون حرم الفطر، وإلا استحب الإمساك، وكل من أفطر لعذر أو غيره وجب عليه القضاء بعد التمكن إلا الصبي والمجنون والكافر الأصلي، ويستحب موالاة القضاء والمبادرة به وتجب إن أفطر بغير عذر. ويجب الإمساك في رمضان على تارك النية، والمتعدي بفطره في يوم الشك إن تبين كونه في رمضان، ويجب قضاؤه.

ــ

فصل: فيما يبيح الفطر

"ويجوز الفطر بالمرض الذي" يشق معه الصوم مشقة ظاهرة أو الذي "يبيح التيمم" كأن يخشى زيادة مرضه بسبب الصوم لقوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} ، أي فأفطر {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] ، "و" يجوز الفطر "للخائف من الهلاك" بسبب الصوم على نفسه أو عضوه أو منفعته بل يلزمه الفطر كمن خشي من الصوم مع أحدهما مبيح تيمم لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] ، وقوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] ، وقوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] ، "وللمسافر سفرًا طويلًا مباحًا" للآية السابقة بخلاف ذي السفر القصير والسفر المحرم وكل ما مر في القصير يأتي هنا. "إلا" أنه هنا لا يفطر "إن طرأ السفر" بأن لم يفارق العمران أو السور إلا "بعد الفجر" تغليبًا للحضر بخلاف حدوث المرض فإنه يجوز الفطر لوجود المحوج له بلا اختيار، وإذا كان سفره قبل الفجر فله الفطر وإن نوى ليلا، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم أفطر بعد العصر في سفره بقدح ماء لما قيل له: إن الناس شق عليهم الصيام١. "والصوم في السفر أفضل" من الفطر "إن لم يتضرر به" أي بالصوم ليحوز فضيلة الوقت وإلا بأن خشي ضررًا في الحال أو الاستقبال فالفطر أفضل، بل ربما يجب إن خشي من الصوم فيه ضررًا يبيح التيمم نظير ما مر، وعليه يحمل قوله صلى الله عليه وسلم في الخبر السابق لما أفطر فبلغه أن أناسًا صاموا: $"أولئك العصاة"٢، أو هو محمول على عصيانهم بمخالفتهم أمره بالفطر ليتقووا على عدوهم.

"وإذا بلغ الصبي أو قدم المسافر أو شفي المريض وهم صائمون" بأن نووا من الليل "حرم الفطر" لزوال السبب المجوز له، ومن ثم جامع أحدهم حينئذ لزمته الكفارة. "وإلا" يكونوا صائمين بأن كانوا مفطرين ولو بترك النية "استحب" لهم "الإمساك" لحرمة الوقت وإنما


١ رواه مسلم في الصيام "حديث ٩١" من حديث جابر بن عبد الله.
٢ رواه مسلم في الصيام "حديث ٩٠" عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ كراغ الغميم، فصام الناس. ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة".

<<  <   >  >>