للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[موطأ الإمام مالك]

موطأ الإمام مالك، هو ذلك الكتاب المبارك الذي ألفه الإمام مالك بن أنس الأصبحي الحميري أبو عبد الله المدني، إمام دار الهجرة رضوان الله تعالى عليه، وكان من أتابع التابعين، أورده الحافظ في التذكرة في الطبقة الخامسة من الحفاظ، ووصفه بأنه الإمام الحافظ فقيه الأمة وشيخ الإسلام وإمام دار الهجرة، وهو أحد الأئمة الأربعة المعروفين، كان رحمه الله عظيم المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مبالغًا في تعظيمه، حتى كان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه ويقول: لا أركب في بلد فيها جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفون، توفي رضي الله عنه عام تسع وسبعين ومائة للهجرة١.

وكتابه الموطأ، وصفه الحافظ السيوطي في مقدمته للشرح المسمى بتنوير الحوالك -نقلًا عن القاضي أبي بكر بن العربي- بأنه الأصل الأول واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب "يريد الحديث"، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي، وقد جمع فيه قبل تهذيبه -كما نقل السيوطي- عشرة آلاف حديث، ولم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويخبرها بالآثار حتى رجعت إلى خمسمائة، وأورد عدة نقول تختلف بعض الاختلاف مع هذا النقل بالزيادة أو النقصان.

وينقل السيوطي في هذا المقام عن أبي بكر الأبهري في جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين أنها ألف وسبعمائة وعشرون حديثًا: المسند فيها ستمائة حديث، والمرسل مائتان واثنان وعشرون حديثًا، والموقوف ستمائة وثلاثة عشر، ومن قول التابعين مائتان وخمسة وثمانون.

وأورد نقولًا أخرى تختلف عن ذلك أيضًا، وقال: إن هذا الموطأ رواه عن مالك جماعات كثيرة، وبين رواياتهم اختلاف من تقديم وتأخير وزيادة ونقص، وأكبرها رواية القعنبي٢.

وقد أورد عن الإمام مالك في سبب تسميته بالموطأ ما قال: إنه عرض كتابه هذا على سبعين من فقهاء المدينة، فكلهم واطأه عليه، فسماه الموطأ٣.

وقد اشتهر عن الإمام الشافعي أنه قال: ما على ظهر الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك، وواضح أن ذلك كان قبل ظهور كتب السنة المعتبرة التي على رأسها الصحيحان الجليلان اللذان تلقتهما الأمة بالقبول -صحيحا البخاري ومسلم.

وفي هذا المقام يقول الحافظ ابن حجر: كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما.


١ شذرات الذهب: ج١ ص٢٨٩.
٢ تنوير الحوالك: ج١ ص٧.
٣ تنوير الحوالك: ج١ ص٥.

<<  <   >  >>