للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سنن أبي داود]

وأما سنن أبي داود السجستاني، فهو ذلك الكتاب العظيم، الذي ألفه سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي، المولود سنة اثنتين ومائتين للهجرة، والذي تحدث عند الذهبي في تذكرته١ فقال: إنه الإمام صاحب السنن، الذي حدث عنه الترمذي، والنسائي، وابنه أبو بكر بن أبي داود، وأبو عوانة، وأبو بشر الدولابي وغيرهم ممن رووا عنه سننه، سمع أبا عمرو بن الضرير ومسلم بن إبراهيم والقعنبي و ... وخلقًا كثيرًا بالحجاز والشام ومصر والعراق وغيرها، وقال الذهبي: كتب عنه شيخه أحمد بن حنبل حديث العتيرة، وأراه كتابه فاستحسنه.

ويقول الحافظ المنذري: إن الإمام ابن حنبل استجاده واستحسنه، ثم نقل عن أبي بكر بن عبد العزيز أنه سمع كتابًا كتبه أو داود لأهل مكة يقول فيه عن سننه: إن هذه الأربعة آلاف والثمانمائة حديث كلها في الأحكام، فأما أحاديث كثيرة من الزهد والفضائل وغيرها من غير هذا فلم أخرجها٢، وأن محمد بن إسحاق الصاغاني قال: لين لأبي داود الحديث كما لين لداود الحديد.

ونقل الذهبي عن ابن داسة أن أبا داود قال: ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، وما كان فيه من وهن شديد بينته، وأورد أن بعض الأئمة قال: كان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته، كما نقل عن الحاكم أنه قال: أبو داود إمام أهل الحديث في زمانه بلا مدافعة، وفي بعض نقوله الأخرى ما يؤكد أنه دخل مصر٣.

ونقل المنذري عن أحمد بن محمد بن ياسين الهروي قال: كان سليمان بن الأشعث السجزي أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده، في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث، وكانت وفاته رحمه الله ورضي عنه سنة خمس وسبعين ومائتين للهجرة٤.

وكتابه السنن أحد الكتب الستة المشهورة، التي عول عليها العلماء والفقهاء في جميع بقاء الأمة الإسلامية وأزمانها، ولا تجد في وصفه أصدق مما وصفه به مصنفه فيما رواه المنذري عن ابن داسة قال: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه٥.

ومما وصفه به أيضًا قوله: ما ذكرت في كتابي حديثًا اجتمع الناس على تركه.


١ تذكرة الحفاظ ج٢ ص١٥٢ وما بعدها.
٢ مختصر سنن أي داود ج١ ص٥، ٦.
٣ تذكرة الحفاظ ج٢ ص١٥٤.
٤ الشذرات ج٢ ص١٦٧.
٥ مختصر سنن أبي داود ج١ ص٦ و٧.

<<  <   >  >>