للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: كتب الجوامع]

[مدخل]

...

[الفصل الثالث: كتب الجوامع]

تمهيد:

الذي رأيناه في الاصطلاحات القديمة للمحدثين أن كلمة الجامع تطلق على نمط من كتب الحديث وهو ما يشتمل على أبواب الدين الثمانية: وهي العقائد والأحكام والرقاق والآداب والتفسير والشمائل والفتن والمناقب، ومن هذه الجوامع جامع البخاري "صحيح البخاري" وجامع الترمذي "صحيح الترمذي".

وقد ظل هذا الاصطلاح قائمًا حتى ظهرت الجوامع بمعنى ما يجمع تلك الأبواب كلها، ولكنه مرتب على الحروف الهجائية، وأول ما أدركناه من ذلك جوامع السيوطي وهي: الجامع الكبير والجامع الصغير، وزيادات الجامع الصغير.

وقد أوضح صاحب كشف الظنون بيان الجامعين للسنة وطريقة جمعهم لها فقال بعد كلام طويل عن كتب السنة وتدوينها على أيدي المتقدمين١: فمن هؤلاء المتأخرين من جمع بين كتب الأولين بنوع من التصرف والاختصار، كمن جمع بين كتابي البخاري ومسلم، مثل أبي بكر أحمد بن محمد الوقاني، وأبي مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي، وأبي عبد الله محمد الحميدي، فإنهم رتبوا على المسانيد دون الأبواب كما سبق ذكره، وتلاهم أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري، فجمع بين كتب البخاري ومسلم والموطأ لمالك وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي ورتب على الأبواب، إلا أن هؤلاء أودعوا متون الحديث عارية من الشرح، وكان كتاب رزين أكبرها وأعمها، حيث حوى هذه الكتب الستة التي هي أهم كتب الحديث وأشهرها، وبأحاديثها أخذ العلماء واستدل الفقهاء وأثبتوا الأحكام، ومصنفوها أشهر علماء الحديث وأكثرهم حفظًا، وإليهم المنتهى، وتلاهم أبو السعادات مبارك بن محمد بن الأثير الجزري المتوفى سنة ٦٠٦هـ فجمع بين كتاب رزين وبين الأصول الستة -بتهذيبه وترتيب أبوابه وتسهيل مطلبه وشرح غريبه- في جامع الأصول، فكان أجمع ما جمع فيه.

ويحسن هنا أن ننقل عن صاحب الرسالة المستطرفة٢ وهو يتحدث عن المؤلفين لكتب الجوامع ما ملخصه: إن من بين الجامعين لكتب السنة أبا عبد الله محمد بن عتيق بن علي التجيبي الغرناطي المتوفى في حدود سنة ست وأربعين وستمائة في كتابه أنوار المصباح في الجمع بين الكتب الستة الصحاح، كما ألف بعضهم جامع الجوامع السبعة: أعني الصحيحين والسنن الأربعة وسنن الدارمي، والجمع بين الأصول الستة ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلى والمعجم الكبير وربما زيد عليها من غيرها وهو للمسند الكبير الحافظ عماد الدين أبي الفدا إسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير المتوفى سنة أربع


١ كشف الظنون ج١ ص٦٣٩.
٢ الرسالة المستطرفة ص١٣١ وما بعدها.

<<  <   >  >>