للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجامع الصغير]

للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة ٩١١هـ:

نستطيع -في مستهل دراستنا لهذا الكتاب- أن نبارد فنلخص ما قاله مؤلفه عنه: إن الجامع الصغير لباب خال عن القشر، وليس فيه وضاع ولا كذاب، ولذلك فاق الكتب المؤلفة كالفائق والشهاب١، وأنه حوى من نفائس الصناعة الحديثية ما لم يودع قبله في كتاب، وأنه في هذا النوع رتبه على حروف المعجم مراعيًا أول الحديث فما بعده تسهيلًا على الطلاب، وأنه مقتضب من الكتاب الكبير الذي قصد فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها -وقد سبق كلامنا عليه.

ونضيف إلى ذلك ما قاله الشيخ يوسف النبهاني في كتابه الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير٢: وقد وقع لكتابه هذا القبول التام، وعم النفع به سائر البلاد الإسلامية الخاص والعام.

وفي الواقع أن هذا الكتاب -لقصر أكثر الأحاديث الواردة فيه، وتخير المؤلف لها من كنوز السنة، وسهولة عباراتها- قد استطاع أن يتبوأ مكانته في نفوس محبي الحديث النبوي، والحريصين على التضلع من منهله العذب الروي، حتى سنح الانتفاع به لكل قارئ، وأمكن أن يكون سلوى لكل ناشد، يبتغي المتعة العلمية والراحة النفسية.

وقد اشتهر على الألسنة وفي بطون الكتب أن عدد أحاديث هذا الكتاب هي عشرة آلاف وتسعمائة وأربعة وثلاثون حديثًا، وقد طعن النبهاني في مقدمة كتابه الفتح الكبير بأن ما ذكروه من ذلك العدد من غير تحقيق، واستظهر أن جميعهم قد قلد في ذلك شارح الشيخ المناوي -وهو لم يعده بنفسه- فذكر ما ذكره.

ثم قال: والصحيح ما ذكرته هنا؛ لأني عددته بنفسي فوجدته عشرة آلاف حديث يزيد قليلًا نحو العشرة، والفرق كبير بين ما ذكرته وما ذكروه٣.


١ مراده كتاب الفائق في اللفظ الرائق، وهو لابن غنايم "غانم" وهو جمال الدين محمد بن عبد الله بن علي بن محمد بن سليمان المتوفى سنة ٧٤٤هـ قال في كشف الظنون ج٢ ص١٢١٧ ما معناه: جمع فيه أحاديث من الرقائق على نحو الشهاب مجردة عن الأسانيد، مرتبة على الحروف، فهو من النوع الذي يريده السيوطي من ناحية الترتيب على الحروف وهو غير الفائق للزمخشري فإنه في غريب الحديث وهناك أيضًا الفائق في المواعظ والرقائق للشيخ صدر الدين محمد البارزي المتوفى سنة ٧٨٥هـ وكلاهما غير داخل في هذه المقارنة. ا. هـ كشف الظنون.
أما الشهاب فهو شهاب الأخبار في الحكم والأمثال والآداب من الأحاديث النبوية للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي الشافعي المتوفى سنة ٤٥٤ هـ نقل في كشف الظنون ج٢ ص١٠٦٧ عن مؤلف الشهاب أنه قال: جمعت في كتابي هذا ما سمعته من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ألف كلمة من الحكمة في الوصايا والآداب والمواعظ، وجعلتها مسرودة مبوبة محذوفة الأسانيد، مبوبة أبوابًا على حسب تقارب الألفاظ، ثم أوردت مائتي كلمة، وختمت الكتاب بأدعية مروية عنه صلى الله عليه وسلم، أفردت للأسانيد جميعها كتابًا يرجع في معرفتها إليه. ا. هـ.
٢ الفتح الكبير ج١ ص٣.
٣ الفتح الكبير ج١ ص٦

<<  <   >  >>