للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: لا تجب العقوبات الحدية بشبهة، ولا تقام مع وجود الشبهة المعتبرة شرعًا، وهذا ما عليه جمهور الفقهاء، ووافقهم ابن حزم في أنها لا تجب لشبهة.

ومبنى ذلك عند الفقهاء أن هذه العقوبات عقوبات شديدة، وجسيمة فلا بد إذن من تيقن وقوع جريمتها من الجاني، وإثبات ذلك عليه عند القاضي الذي يحكم الواقعة، إثباتًا بالصورة التي حددها الشرع.

والعقوبات الحدية تغاير في ذلك كله العقوبات التعزيرية؛ لأن الأخيرة عقوبات لم يرد نص من الشارع ببيان مقدارها فيه عقوبات تأديبية، يصلح بها الحاكم اعوجاج الأفراد، والمجتمع ولذا، فإن أمر تقديرها متروك لولي الأمر الذي يستطيع أن يقدرها بالصورة المناسبة، والتي قد تختلف من شخص لآخر، ومن مكان لآخر، ومن زمان لآخر كما أنه يمكن لولي الأمر أن يسقط العقوبة التعزيرية عن الجاني مع ضمان حقوق الأفراد، إذا كانت الجناية متعلقة بها١.

وبالإضافة إلى ما سبق فإن الإمام الشافعي، ومن وافقه يرون أن من حده الإمام، فترتب على حده تلف، فإنه لا ضمان فيه بخلاف ما يحدث من تلف نتيجة العقوبة التعزيرية، وإن كان الإمام أبو حنفية، ومن معه لا يرون فرقًا بينهما٢.


١ الأحكام السلطاانية لأبي يعلى ص٢٦٤. مغني المحتاج ٤٠٠ ص١٩٣، شرح فتح القدير ج٥ ص٣٤٦.
٢ فتح القدير ج٥ ص٣٥٢.

<<  <   >  >>