للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حصول اليقين؛ لأن مجرد الحدس والتهمة، والشك مظنة للخطأ، والغلط وما كان كذلك، فلا يستباح به تأليم المسلم، وإضراره بلا خلاف"١.

٢ روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه حين رمى هلال بن أمية زوجته بالزنا ولاعنها: "أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الإليتين، خدلج الساقين، فهو لشريك بن سمحاء"، فجاءت به كذلك، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "لولا ما مضى من كتاب الله لي ولها شأن" ٢.

٣ لم يقض رسول الله -صلى الله عليه وسلم بحد الزنا على الغامدية، إلا بعد أن أقرت أمامه، مع أنها كانت حاملًا، والحمل قرينة تدل على ما سبقها، فلو كانت تكفي القرينة وحدها، أو حتى مع إقرار الشريك في الجريمة لاكتفى بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم، وقضى على الغامدية بالحد، ولكنه لم يقض حتى جاءت، وطلبت أن يطهرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإقامة الحد عليها، فقال لها: "ويحك: ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه"، فأصرت على إقرارها٣، ولو لم تصر على إقرارها لما ألزامها الحد مع وضوح حالتها، وظهور حملها، وهو قرينة دالة على فعلتها، لهذا قال فقهاء الأحناف والشافعية والحنابلة، والشيعة بأنه يجوز إثبات الجرائم بالقرائن.


١ المرجع السابق.
٢ الأكحل من كانت منابت أجفانه سوداء كان فيها كحلًا، سابغ الإليتين، عظيمهما، خدلج الساقين: ممتلئ الساقين، نيل الأوطار ج٦ ص٣٠٦ ج٧ ص١١٧، فتح الباري على صحيح البخاري ج٨ ص٣٦٣.
٣ نيل الأوطار ج٧ ص١٢٥-١٢٨، سنن أبي داود ج٢ ص٤٥٦-٤٦٢.

<<  <   >  >>