للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب فقهاء المالكية إلى أن بدء الشهود برجم الجاني أمر غير لازم، فليس بواجب أو سنة، ولا يترتب على امتناع الشهود عن ذلك شيء، ما داموا لم يرجعوا عن شهادتهم، ويلزم الجاني الحد، وينفذ عليه١.

والذي أرجحه من ذلك هو ما ذهب إليه أبو يوسف، من القول باشتراط بدء الشهود برجم الجاني -ما داموا قادرين على ذلك- مع بعض الزيادة على ما ذهب إليه أبو يوسف، وتنحصر في أنهم أن امتنعوا عن رجم الجاني مع قدرتهم عليه، فإن التنفيذ يوقف، ويسألون عن سبب امتناعهم، فإن أبدوا سببًا مقبولًا لا يتطرق معه الشك في شهادتهم، ثم تنفيذ العقوبة على الجاني لجواز أن امتناعهم لرقة في قلوبهم، فإن لم يبدوا سببًا، أو أبدوا سببًا غير مقبول، فإن امتناعهم حينئذ تنهض به شبهة في شهادتهم، يترتب عليه درء الحد عن المشهود عليه.

أما ما ذهب إليه الإمام مالك عن عدم اشتراط ذلك، فقد يرجع سببه إلى أنه كان من فقهاء المدينة، وعاشر أهلها، وهم -وقت ذلك- ممن لا يشك في ذمتهم، ولا تلحقهم تهم، واختلاف الأزمنة، والأمكنة أمر تختلف معه الطباع.


١ المدونة ج١٦ ص٤١، التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل للخطاب ج٦ ص٢٩٥، الخرشي ج٨ ص٨٢، الشرح الكبير بلدردير بهامش حاشية الدسوقي ج٤ ص٣٢٠.

<<  <   >  >>