للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السحر حرام، ولا يكفر بتعليمه إلا من اعتقد إباحته مع العلم بتحريمه، ومن اعتقد ذلك يقتل، كما هو شأن المرتد.

أما من علمه، أو تعلمه مع اعتقاده تحريمه، فإنه لا يكفر بذلك؛ لأن من يتعلم الكفر لا يكفر بتعلمه، فمن باب أولى لا يكفر بتعليم السحر.

يقول الشيرازي بعد أن ذكر أدلة تحريمه: ذم الله الشياطين على تعليمه؛ ولأن تعلمه يدعو إلى فعله، وفعله حرام، فحرم ما يدعو إليه، فإن علم أو تعلم واعتقد تحريمه لم يكفر؛ لأنه إذا لم يكفر بتعلم الكفر، فلأن لا يكفر بتعلم السحر أولى، وإن اعتقد إباحته مع العلم بتحريمه فقد كفر؛ لأنه كذب الله تعالى في خبره، ويقتل كما يقتل المرتد"١.

ولا يعد الإمام الشافعي الساحر كافرًا، إلا إذا وقع منه ما يكفر به من قول، أو فعل كان يشرك بالله تعالى، ويسجد لصنم مثلًا، أو شمس أو قمر، أو يستحل ما حرم الله سبحانه وتعالى، فإن لم يقع من الساحر شيء مما اتفق على الكفر به، فلا يعد كافرًا، وإنما هو مسلم عاص٢.

وهذا ما ذهب إليه ابن حزم أيضًا، إذ يقول: إن كان الكلام الذي يسحر به كفرًا فالساحر مرتد، وإن كان ليس بكفر فلا يقتل؛ لأنه ليس كافرًا.

ويقول: وصح أن السحر ليس كفرًا، وإذا لم يكن كفرًا، فلا يحل قتل فاعله؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، ونفس بنفس" ٣.

ويرى فقهاء الأحناف أن الساحر إذا اعتقد أن الشياطين تفعل له


١ المهذب ج٢ ص٢٢٤.
٢ أسنى المطالب ج٤ ص١١٧.
٣ المحلى ج١٣ ص٤٦٨، ٤٨٠.

<<  <   >  >>