للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن في إسقاط كل ما لزمهم زمن حرابتهم، وما كان قبله نتيجة توبتهم في ذلك حيث لهم على الإسراع إلى التوبة، وترغيب لهم فيها، ومزيد العون لهم وضمهم إلى صفوف الأمة.

ولا يخفى أن في إلزامهم عقوبة ما ارتكبوا من حدود غير الحرابة، ومطالبتهم بهذه الحدود بعد توبتهم عن الحرابة، وعودتهم إلى حوزة الأمة، فيه تنفير لهم فقد يكون منهم من ارتكب جناية حدية يترتب عليها إلزامه الرجم، فإذا علم أنه إذا تاب وعاد إلى حوزة الأمة، أقيم عليه حد الرجم -فإنه لا بد أن يحجم عن العودة إلى صفوف الأمة.

ويثبت على ما هو فيه من تشريد لنفسه، وإضرار للآخرين.

والتوبة إذا أسقطت حد الحرابة مع ما فيها من هتك للحريات، واستباحة للأموال، وإرهاب وقطع سبيل فأولى بها أن تسقط ما دون ذلك من حدود.

وهذا ما ذهب إليه ابن تيمية، وابن القيم من فقهاء الحنابلة١.

كما ذهب جمهور فقهاء الشيعة الزيدية إلى أن من جاء إلى الإمام تائبًا قبل القدرة عليه سقط عنه كل ما لزمه من حد، وسقط عنه أيضًا ما قد أتلف من حقوق الآدميين، ولو كان الذي عليه قتلًا٢.

ولا يخفى ما في القول بإسقاط كل حد بالتوبة من تعويض حقوق الآدميين إلى الضياع، ودمائهم إلى الإهدار وحرمانهم إلى تهتك، فما أسهل على أصحاب النزوات إذا انكشف سترهم، ادعاء التوبة كي يفلتوا من عقاب جرائمهم.


١ المغني ج٨ ص٢٩٥-٢٩٦، "أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ج٢ ص١٩٧.
٢ شرح الأزهار ج٤ ص٣٧٨ ط حجازي بالقاهرة سنة ١٣٥٧هـ.

<<  <   >  >>