للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت الأحاديث المسندة الموصولة في الصحيح كما عدها عدًّا دقيقًا الإمام ابن حجر العسقلاني "٢٦٠٢" حديثًا١، فإن الأحاديث الصحيحة تفوق هذا العدد كثيرًا.

- منهج الإمام البخاري في صحيحه ٢:

يقول الدهلوي: "أول ما صنف أهل الحديث في علم الحديث جعلوه مدونًا في أربعة فنون: فن السنة أعني الذي يُقال له: الفقه، مثل موطأ مالك، وجامع سفيان. وفن التفسير مثل كتاب ابن جريج. وفن السِّير مثل كتاب محمد بن إسحاق. وفن الزهد والرقاق مثل كتاب ابن المبارك، فأراد البخاري -رحمه الله- أن يجمع الفنون الأربعة في كتاب، ويجرده لما حكم له العلماء بالصحة قبل البخاري وفي زمانه، ويجرده للحديث المرفوع المسند، وما فيه من الآثار، وغيرها إنما جاء تبعًا، لا بأصالة؛ ولهذا سمى كتابه "الجامع الصحيح المسند"٣.

ولهذا صنف البخاري هذه الأحاديث وغيرها على أبواب الفقه والعقائد والتفسير والآداب، وكل أبواب ينتظمها موضوع واحد جعلها كتابًا يضم معنى هذه الأبواب، وقد بدأ "بكتاب بدء الوحي" ثم ذكر بعده كتاب "الإيمان" ثم "العلم".

وقدم "بدء الوحي" -كما يقول البلقيني- لأنه منبع الخيرات، وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات، ومنه عرف الإيمان والعلوم٤.

وقال أ. د. عبد المجيد محمود: "فالبخاري بدأ كتابه بدء الوحي، ثم الإيمان، ثم العلم، وقد يكون ملحظ البخاري في ذلك أن أول ما يطالب به الإنسان هو


١ هدى الساري "ص٤٧٨"، أما بالمكرر منها فعدده "٧٣٩٧" حديثًا "هدى الساري ص٤٦٨"، وقد حصرها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي فبلغت "٧٥٦٣" حديثًا. هذا عدا ما فيه من التعاليق والمتابعات التي يصل بها عدد أحاديث الكتاب "٩٠٨٢" حديثًا "هدى الساري ص٤٧٠".
٢ انظر: كتب السنة، الجزء الأول، للدكتور رفعت فوزي "ص٧٧-٨٠" ومصادره.
٣ شرح تراجم أبواب البخاري "ص٧".
٤ هدى الساري "ص٤٧١".

<<  <   >  >>