للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"فصل":

"في ذكر معاني الحروف" الجارة: والصحيح عند البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض بقياس كما لا تنوب أحرف الجزم وأحرف النصب، وما أوهم ذلك فهو عندهم إما مؤول تأويلًا يقبله اللفظ. وإما على تضمين الفعل معنى فعل يتعدى بذلك الحرف. وإما على شذوذ إنابة كلمة عن أخرى، وهذا الأخير هو مجمل الباب كله عند الكوفيين وبعض المتأخرين، ولا يجعلون ذلك شاذا، ومذهبهم أقل تعسفًا. قاله في المغني١.

"لـ"من" سبعة معان:

"أحدها: التبعيض" عند الفارسي٢ والجمهور, وصححه ابن عصفور٣، وعلامته جواز الاستغناء عنها بـ"بعض" "نحو: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ " حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ "} [آل عمران: ٩٢] ، أي: بعض ما تحبون، "ولهذا قرئ: بعض ما تحبون" قرأ ذلك ابن مسعود٤.

"و" المعنى "الثاني: بيان الجنس" عند جماعة من المتقدمين والمتأخرين وعلامتها صحة وقوع موصول موضعها إذا بينت معرفة نحو: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: ٣٠] أي: الذي هو الأوثان، فإن بينت نكرة فهي ومجرورها في موضع جملة "نحو:" {يُحَلَّوْنَ فِيهَا " مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ "} [الكهف: ٣١] فـ"من ذهب" بيان لـ"أساور" أي: هي ذهب، و"من" الأولى للابتداء عند الجمهور، أو زائدة على رأي الأخفش٥ ويدل له قوله تعالى: {وَحُلُّوا أَسَاوِرَ} [الإنسان: ٢١] .


١ مغني اللبيب ص١٥٠, ١٥١.
٢ الإيضاح العضدي ١/ ٢٥١.
٣ المقرب ١/ ١٩٨.
٤ انظر هذه القراءة في البحر المحيط ٢/ ٥٢٤، والكشاف ١/ ٢٠٢، وتفسير الرازي ٢/ ٥٠١.
٥ معاني القرآن للأخفش ١/ ٢٧٢, ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>